149

قریشو نجلۍ

عذراء قريش

ژانرونه

مقتل محمد بن أبي بكر

طال انتظار أسماء عودة رسولها، فقلقت وندمت لأنها لم تخرج معه للبحث عن محمد، وأضحت الشمس ولم يرجع فازداد قلقها ولم يعد يطيب لها مقام، فمشت بين تلك الأكواخ إلى الجهة التي تتوقع أن يكون رسولها قادما منها حتى بعدت مسافة. وبينما هي تتطلع إلى آخر الطريق إذ رأت شبحا مسرعا نحوها عرفت من قيافته أنه رسولها، فاختلج قلبها وحدقت لترى ما يبدو منه، فإذا هو يسرع حتى وصل إليها من شدة التعب وقد احمرت عيناه وكلل العرق جبينه.

فصاحت فيه: «ما وراءك؟! قل! ما خبرك؟! هل وجدت محمدا؟!» قالت ذلك وقلبها يزداد خفقانا.

فقال وهو يلهث لهثا شديدا: «آه يا مولاتي! نعم وجدته، ولكنه ، ولكنه في خطر من القتل ...»

فصاحت: «وكيف ذلك؟! ومن يقتله؟!»

قال: «إنهم علموا بمكانه في الخربة قبل وصولنا إليها أمس ... آه! ضاق صدري من التعب، أمهليني أستنشق الهواء ... دلهم عليه بعض المارة، فحملوه وهو أعزل إلى الفسطاط ...»

فقالت: «وبعد ذلك ماذا جرى؟!»

قال: «لما خرجت في هذا الصباح قصدت إلى الفسطاط رأسا، لأني أعلم أنه لا يبرح مكانه إذا لم يقبضوا عليه، ودخلت الجامع وتظاهرت بالصلاة فرأيت ابن العاص وعبد الرحمن بن أبي بكر أخا سيدي محمد، وسمعت عبد الرحمن يقول لعمرو: «أتقتل أخي صبرا؟! ابعث إلى ابن حديج فانهه عنه.» فعلمت أن معاوية بن حديج هو الذي قبض عليه ويريد قتله. فطار صوابي ووددت أن أعرف أين هو ابن حديج لأذهب إليه، فسمعت عمرا يقول لأحد رجاله: «اذهبوا إلى ابن حديج وقولوا له أن يكف عن قتل محمد ويأتيني به.» فخرجت في أثر ذلك الرسول حتى وصلت إلى مكان بين الخربة والفسطاط، فرأيت فيه جمعا متكاثفا بينهم ابن حديج ومعه رجاله وقد أحاطوا بمولاي محمد، وقد رق جسمه من العطش والجوع. وتقدم رسول عمرو إلى ابن حديج وأبلغه أمر عمرو فقال: «قتلتم كنانة بن بشر وأخلي أنا محمدا؟! هيهات، هيهات!»

ولا تسل عن أسماء عند سماعها هذا النبأ وكيف كان وجهها يتلون، فتطاولت بعنقها وحدقت ببصرها لترى ما تم بعد ذلك وهي تقول: «جزاهم الله شرا على هذا القول! لا، لا، لا أظنه يقتله رغم أمر عمرو، ولكنه أساء الأدب.»

فقال الرجل: «ولو اقتصرت إساءته على ذلك لكان خيرا، ولكنه منع عن سيدي الماء فقد سمعته بأذني يطلب منهم أن يسقوه، فقال له ابن حديج بقحة واستخفاف: «لا سقاني الله إن سقيتك قطرة أبدا! إنكم منعتم عثمان شرب الماء، والله لأقتلنك حتى يسقيك الله من الحميم الغساق!» ...»

ناپیژندل شوی مخ