صلى الله عليه وسلم
فيغضب لغضبه، فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة، وانطلق أبو بكر وتبعته وحدي حتى أتى رسول الله فحدثه الحديث كما كان، فرفع إلي رأسه فقال: يا ربيعة! ما لك والصديق؟ قلت: يا رسول الله، كان كذا وكذا، فقال لي كلمة كرهتها، فقال لي: قل كما قلت حتى يكون قصاصا فأبيت. فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : أجل لا ترد عليه، ولكن قل: قد غفر الله لك يا أبا بكر ...»
وهو يكره أن يسيء؛ لأنه يكره أن يساء، ويعلم ما توقعه الإساءة في النفس من ألم يغلبها على الحلم والأناة حتى في المحضر الذي تراض فيه على غاية الحلم وغاية الأناة.
بينما رسول الله جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر فآذاه، فصمت عنه. ثم آذاه الثانية فصمت عنه. ثم آذاه الثالثة فانتصر منه. فقام رسول الله حين انتصر أبو بكر. فقال: أوجدت علي يا رسول الله؟ فقال رسول الله: نزل ملك من السماء يكذبه بما قال، فلما انتصرت وقع الشيطان.
ولا شك أنه درس من الدروس النبوية يداوي به نوازع الحدة في صاحبه الأمين؛ لأنه كان يهيئه لأمر عظيم: أمر ينبغي لمن تولاه أن تؤلمه إساءته إلى الناس فوق ألمه لإساءة الناس إليه.
ومن يقظة الضمير فيه أنه لم يطق أن تستقر في جوفه لقمة يشك في مأتاها؛ فكان له مملوك يغل عليه، فأتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة. قال المملوك: ما لك كنت تسألني كل ليلة ولم تسألني الليلة؟ قال: حملني على ذلك الجوع ... من أين جئت بهذا؟ فأنبأه المملوك أنه مر بقوم كان يرقي لهم في الجاهلية فوعدوه، فلما أن كان ذلك اليوم مر بهم فإذا عرس لهم فأعطوه ذلك الطعام!
قال الصديق: إن كدت لتهلكني.
وأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ - وجعلت اللقمة لا تخرج - فقيل له: إن هذه لا تخرج إلا بالماء ...
فدعا بطست من ماء فجعل يشرب ويتقيأ حتى رمى بها.
ناپیژندل شوی مخ