105

وعاهد الناس فقال: «لكم علي ألا أجتني شيئا من خراجكم، ولا ما أفاء الله عليكم إلا من وجهه، ولكم علي إذا وقع في يدي ألا يخرج مني إلا في حقه، ولكم علي أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله وأسد ثغوركم،

24

ولكم علي ألا ألقيكم في المهالك، ولا أجمركم - أي أحبسكم - في ثغوركم، وإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم، فاتقوا الله عباد الله، وأعينوني على أنفسكم بكفها عني، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحضاري النصيحة فيما ولاني الله من أمركم.»

ومن أوائل عهوده في بيان الحق الذي يرشح الحاكم لولاية الحكم: «أيها الناس! إني قد وليت عليكم، ولولا رجاء أن أكون خيركم لكم، وأقواكم عليكم، وأشدكم استضلاعا بما ينوب من مهم أموركم، ما وليت ذلك منكم.»

فأحق الناس بالحكم أقدرهم على البر والحزم والنهوض بالأعباء، وليس له في غير ذلك حق يرشحه للحكومة.

ومن أوائل خطبه بعد توليه الخلافة: «إن الله ابتلاكم بي، وابتلاني بكم، وأبقاني فيكم بعد صاحبي، فلا والله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني، ولا يتغيب عني فآلو

25

فيه عن أهل الصدق والأمانة، ولئن أحسنوا لأحسنن إليهم، ولئن أساءوا لأنكلن بهم.»

فهو يعاهدهم أن يلي الأمر بنفسه في كل ما حضره، وألا يعهد فيه إلى غيره إلا إذا غاب عنه، ثم لا يكون وكلاؤه فيه إلا من أهل الصدق والأمانة، ثم هو لا يدعهم وشأنهم بعد ذلك، بل يراقبهم ويتتبع أعمالهم فيحسن إلى من أحسن، وينكل بمن أساء.

وقد كان يقول، ويعني ما يقول، ويعمل بما يقول.

ناپیژندل شوی مخ