فهز الفقيه رأسه إعجابا وقال: «لله در بغدادكم وما يخرج منها! إن مثل هذه الجارية جديرة بأن تكون في دور الخلفاء أو الأمراء.»
فقطع سعيد كلام الفقيه قائلا: «ألا تظن أن مولانا الأمير يحب اقتناء هذه النسخة من كتاب العقد الفريد؟» وأشار سعيد إلى الكتاب بيده.
ففهم الفقيه أن سعيدا لا يحب أن يذكر خبر اقتناء الجارية بين يديها، فأجابه: «لا شك في ذلك، فإذا قدمته إليه بعد الفراغ من الاحتفال القادم أخذه وأكرمك، وأنا أذكر له خبرك قبل مجيئك، وإذا رأيت أن تأخذ هذه الفتاة معك ليراها ويسمع حديثها كان ذلك باعثا على رضاه وسروره.»
قال سعيد: «سأفعل، والآن متى يكون الاحتفال باستقبال رسل القسطنطينية؟»
قال الفقيه: «أظنه لا يكون قبل بضعة عشر يوما على عادة أمير المؤمنين، من تأجيل المقابلة زيادة في الإرهاب.»
قال سعيد: «إني شديد الرغبة في حضور هذا الاحتفال.»
قال الفقيه: «سأصحبك معي، ومتى حان الوقت أخبرتك وذهبنا معا.»
فشكر له سعيد وهم بالخروج، فقال الفقيه: «قد آن لي أن أنصرف، فأذن لي إذا شئت.»
قال سعيد: «لك الخيار يا سيدي، ولا بأس عندي من بقائك هنا في عملك، وإذا أردت كتبا أخرى غير «البيان والتبيين» قدمته مع السرور. وهذا كتاب «العقد الفريد» بين يديك، ولعله يفيدك فيما تحتاج إليه في خطبتك من المشاهد التاريخية، أو الأمثال. تفضل، اجلس.»
فشكر الفقيه ابن عبد البر لسعيد احتفاءه، وقال: «يكفي ما قرأته الآن.»
ناپیژندل شوی مخ