210

عبد الرحمن الناصر

عبد الرحمن الناصر

ژانرونه

قالت عابدة: «أنا أعرف مخبأه، لكنني لا أستطيع أن أدعوه، فإنه لا يصدقني، بل إنه قد يفتك بي.»

فقال ساهر: «أنا أسير إليه، قولي أين هو مكانه.»

قالت عابدة: «ولا أنت فإنه يسيء الظن بكل رجال الناصر، وكل أهل الأندلس، وخصوصا الآن بعد ذيوع خبر مقتل الأمير عبد الله.»

قال ساهر: «ما الحيلة إذن؟»

قالت عابدة: «الحيلة أن نأخذ إليه كتابا أو علامة من سعيد فإنه يأتي سريعا لأنه يحترمه احترام العبادة.»

فصاحت الزهراء: «بالله أين هو؟ خذيني إليه.»

فقال ساهر: «لا أظن أن سعيدا يعطينا كتابا أو علامة.»

قالت عابدة: «أنا أكلمه. دعوني أدخل إليه وحدي.»

قالت ذلك ودخلت عليه وهو مشدود الوثاق في إحدى غرف ذلك البيت، وكان جالسا وقد قطب حاجبيه وأطرق كأنه يفكر، وظهر الاهتمام في عينيه، فلما لمح ظلها رفع بصره إليها فلم يتمالك عن إرسال دمعتين، فلما رأته يبكي خفق قلبها وتذكرت ما كان له من المنزلة الرفيعة في نظرها، وكيف قضت عدة سنوات وهي ترى السعادة في رؤيته والموت والحياة بين شفتيه، فتأثرت لمنظره وغلب عليها الحنان فقالت: «يسوءني يا سيدي أن أراك في هذه الحال، وأنا الجانية عليك لأني دللتهم على مكانك، ولكنك أذهبت رشدي بأعمالك.»

فقطع كلامها قائلا: «لا ذنب لك يا عابدة، وإنما الذنب ذنبي. أنا لا أنسى ما سببته من ألوان الشقاء لك وكم عرضت حياتك للخطر. أعرف هذا كله؛ ولذلك فلا لوم عليك مهما فعلت، وسيسوقونني إلى الخليفة أو غيره وسيقتلني طبعا، وهذا كله لا يهمني لأن الحياة لم تعد تحلو لي.»

ناپیژندل شوی مخ