204

عبد الرحمن الناصر

عبد الرحمن الناصر

ژانرونه

قأيقنت عند ذلك بوقوع الخطر، فصاحت فيه: «ويلك يا خائن! كيف قتلت الرجل وهو خادمك الأمين؟! ما أسهل القتل عليك!»

وكان سعيد قد قبض على الدفة وجعل يديرها نحو الشاطئ، فلم يجبها حتى رست السفينة، فنهض إليها وتناولها بيده وقال: «اطلعي إلى البر.»

فتراجعت وقالت: «إلى أين؟ لا، لا أطلع.»

قال سعيد: «أتريدين البقاء في السفينة؟»

قالت الزهراء: «بل ألقي بنفسي في الماء، الموت خير لي من رفقتك.» واجتذبت يدها من يده، وهمت أن تلقي بنفسها في النهر فمنعها وهو يقول: «ألا تريدين أن تلاقي أخاك؟ قد وصلنا إلى مكانه وتخلصنا من التعب.»

فلما سمعت قوله عاد إليها أملها وأطاعته فنزلت إلى البر، وقد بان الفجر فالتفتت إلى ما حولها، فإذا هي في بستان في وسطه بيت كالذي كانت فيه منذ هنيهة، ورأت البغال هناك أيضا، ثم شاهدت الكلب الذي رأته بالأمس، وإذا بسعيد قد تناول المفتاح وفتح الباب، وأشار إليها أن تدخل فتحققت أنها في البيت الذي كانت فيه منذ بضع ساعات، وأن سعيدا لم يركب السفينة إلا ليغرق جوهرا في الماء، فأصبحت ترتعد من فظاعة ذلك العمل، ولما دعاها للدخول أبت، وقالت: «لا أدخل إلا إذا قلت لي أين أخي؟»

قال سعيد: «يظهر أن أخاك وسائر رجالنا فروا من هذه الديار حين بلغهم مقتل الأمير عبد الله، والغالب أنهم رجعوا إلى القيروان حيث كان موعدنا من أول الأمر، فقد اتفقنا على أننا إذا أحسسنا بالفشل ونحن في أي مكان رجعنا إلى القيروان، فما علينا الآن إلا أن نذهب إلى هناك.»

قالت الزهراء: «ألا تزال تخدعني؟ لقد انكشفت لي خيانتك، ولكن ويلاه! بعد أن ضاعت حيلتي.» قالت ذلك وجلست على الأرض وأخذت تبكي وتلطم وجهها.

فأمسكها سعيد وأراد إنهاضها وهو يقول لها: «لا تستسلمي إلى الظنون. ما أنا والله بخائن، وإنما محب عاشق. أقلعي عن هذا الجنون وتعالي معي إلى القيروان فتشاهدي أخاك، وبعد ذلك إذا شئت رجعنا به إلى قرطبة، وإلا بقينا هناك في أرغد عيش.»

قالت الزهراء: «ألا تزال تذكر الحب والغرام وقد ظهرت خيانتك؟»

ناپیژندل شوی مخ