فأجفلت وقالت في ذلة وانكسار: «نعم عرفت.»
قال سعيد: «إذا كانت نجاته لا تهمك، فذلك أمر آخر.»
قالت الزهراء: «أنت تعلم أن نجاته تهمني كثيرا، ولكن الطريق وعر.»
قال سعيد: «ولا بد دون الشهد من إبر النحل، ومع ذلك فإني لا أرى مشقة عليك في الخروج من هذا القصر ليلة واحدة وتعودين في الصباح وأخوك معك، وتستعطفين الناصر عليه ثم تستقدمينه كما تشائين. إذا كنت عازمة على الخروج معي فقولي وإلا فأنا ذاهب.» قال ذلك وأظهر أنه يريد الخروج فابتدرته قائلة: «وتهددني أيضا؟! أهكذا تكون الأريحية؟! ألأني في حاجة إلى خدمتك تنتهرني؟!» واغرورقت عيناها بالدموع.
فجثا بين يديها وتظاهر بالتأثر من قولها وقال: «حاشا لله أن أهددك، فإني إنما ألتمس رضاك وأبذل حياتي في سبيل حبك. أنت صاحبة الأمر، قولي، قولي وأنا أفعل ما تريدين حتى الموت، وأنا مستعد لاستقباله باسمك. آه لو كان لك قلب مثل قلبي فتدركين مقدار حبي لك! ولكنك قاسية القلب، وطالما وصفتك بهذا الوصف.»
فتنهدت تنهدا عميقا وقالت: «سامحك الله على هذه التهمة، إني أكاد أكون مجبولة بالحب. وإذا أحببت فإلى حد لا يتصوره العقل، ولك من حديثي بالأمس عن قتيل النهار أحسن مثال!»
فقطع حديثها قائلا: «يظهر أنك لم تبغضي أحدا سواي؟»
قالت الزهراء: «أعترف لك يا سيدي أني لم أحبك، ولكن إذا صدقت الخدمة في إنقاذ أخي فإني أحبك ولو على سبيل الشكر.»
فنظر إليها شذرا وقال: «أقول إني ميت في حبك، وقد ركبت كل مركب خشن في سبيلك، وأنت تشترطين في حبي ألف شرط؟! آه ! إنك ترغمينني على أن أبوح لك بذنب ارتكبته في هذا النهار من أجل حبك.»
قالت الزهراء: «وما هو؟»
ناپیژندل شوی مخ