عبد الرحمن الناصر

جرجي زيدان d. 1331 AH
190

عبد الرحمن الناصر

عبد الرحمن الناصر

ژانرونه

وكانت عابدة في غرفتها وعندها بعض الجواري يتحدثن بما هو مكتوب على ذلك اللوح، وهن يستغربن تنفيذ القتل بهذه السرعة، فلما رأت سعيدا قادما أسرعت إليه، وقد زادت ضربات قلبها وعلت الحمرة وجنتيها وأبرقت أسرتها، فمشى هو أمامها إلى غرفته، فلما دخلت سلمت عليه فهش لها واستدناها فأجلسها إلى جانبه ولاطفها، ووضع ذراعه على كتفيها كأنه يضمها تحببا، فأحست بقشعريرة لم تشعر بمثلها من قبل، فزاد تورد وجنتيها ولمعت عيناها وأطرقت خجلا، وقلبها يخفق فرحا وهياما فقال لها: «قد آن الوقت ودنت الساعة، وإنما تتوقف سعادتك عليك.»

فقالت عابدة: «تتوقف السعادة علي؟ علي أنا؟ إني رهينة ما تريد في سبيل هذه السعادة.» قالت ذلك بلهفة المحب المتفاني.

قال سعيد: «نعم عليك، أين الورقتان اللتان أودعتهما عندك؟ هل أنت محتفظة بهما؟»

فنظرت إليه نظر العاتب وهي تبتسم وقالت: «كيف لا أحتفظ بوديعتك! بل كيف أقدر على أن أخالف لك أمرا!» ومدت يدها إلى جيبها وأخرجت الورقتين في صرة ودفعتهما إليه.

فتناول الصرة وقال: «أتعلمين ما بداخل هذه الصرة؟»

قالت عابدة: «ورقتان.»

قال سعيد: «وما فيهما؟»

قالت عابدة: «أحسب أن فيهما سما، فهل هذا صحيح؟»

قال سعيد: «الصحيح لا أقوله لك الآن» وحدق في عينيها فحولت بصرها عنه، وأحست كأن سهما اخترق أحشاءها أو تيارا كهربائيا تسرب في عروقها، فأطرقت وهي تنتفض.

فأتم سعيد كلامه قائلا: «إن في هذه الأوراق مخدرا ينام صاحبه نوما طويلا.»

ناپیژندل شوی مخ