قالت عابدة: «دعني من ذلك، دعني؛ إن السعادة ليست في السيادة ولا في الثروة، إن السعادة في الحب.» قالت ذلك وصوتها يتلجلج خجلا وبلعت ريقها ثم قالت: «لو كنت أعلم أنك تحبني مثل حبي لك لكنت أسعد امرأة على وجه الأرض. آه من يقول لي الحق!»
فقطع كلامها، وقال: «أنا أقول لك، صدقيني، وسوف تتحققين صدق قولي.»
فوقع كلامه على قلبها بردا وسلاما، وأحست بأنها في نعيم وقالت: «صحيح؟ صحيح أنت تحبني؟»
فمد يده إلى يدها وقبض على أناملها، فأحست عابدة بتيار كهربائي انتفضت له أعصابها وغلبت على أمرها وقالت: «صحيح أنك تحبني؟! إذن فأنا سعيدة.»
قال سعيد: «بقي أن أسألك أنا، هل تحبينني؟»
ولم يتم سؤاله حتى تناثر الدمع من عينيها وقالت والبكاء يخنقها: «أتسألني إذا كنت أحبك؟! أمثلي يسأل هذا السؤال، ولم تبق في جارحة لم تفتتن بك؟! ألا يكفيك من الأدلة ما أنا فيه؟! ما الذي حملني على التعرض لهذه الأخطار؟»
فقال سعيد: «لم تتعرضي لخطر بعد. إن وجودك في هذا القصر من أسباب السعادة ويتمناه كل إنسان، ولكننا سنواجه الخطر قريبا ، وعند ذلك يظهر المحب الصادق، ولا شك عندي أنك ستبرهنين على صدق محبتك لي وللإمام العبيدي صاحب إفريقية الذي نحن في خدمة مصلحته.»
قالت عابدة: «آه يا سعيد! إن كل شيء سهل في سبيل حبك. دعني أغتنم هذه الظلمة وأصرح لك بما يكنه فؤادي من الشغف بك. لو كنا في النهار أو كانت هذه الغرفة مضيئة لأحجمت، ولكن الظلام يستر. إني أحبك إلى حد الجنون ولا أراك تحبني وتهتم بأمري، مع أني أتفانى في سبيل مرضاتك. أفعل ذلك من كل قلبي ويلذ لي العذاب إذا كان فيه سرورك. فهل عندك مثل الذي عندي؟ أو مثل نصفه، أو ربعه يا ترى؟»
فضغط على يدها ثانية وقال: «كفى يا عابدة شكوكا، وقد دنا الوقت، ولا نبرح أن نتفرغ لما نريد. لم يبق من المهمة التي جئنا من أجلها إلا خطوة واحدة، وهي عليك.»
قالت عابدة: «مر بما تشاء.»
ناپیژندل شوی مخ