أما سعيد فإنه ظل واقفا لا يتكلم، ثم تقدم وأزاح الستار بيده، فرأى الزهراء جالسة وقد جعلت رأسها بين كفيها، وأطرقت كأنها أصيبت بالجمود فقال لها: «ما بالك يا سيدتي. هل عدلت عن الاستفهام؟ هل أذهب؟»
فأدارت ظهرها له وانزوت وراء الستار وقالت: «نعم اذهب، اذهب، لا، لا تذهب.»
فقال سعيد: «أذهب؟ أم لا أذهب؟ أذهب لأني قلت لك الحق؟! إني ذاهب.» وأرخى الستار من يده وتحول، فوثب جوهر إليه وأمسك بردائه وقال: «تعال، إلى أين أنت ذاهب؟»
فأشار سعيد إلى جوهر أن يخرج من الغرفة ويتركهما فخرج.
فلما أصبح سعيد وحده وقف والستار لا يزال مسدلا بينه وبين الزهراء، وقال لها: «اخرجي إلي وانظري في وجهي.»
فلم تجبه، فرفع الستار ودخل، فرآها واقفة وهي مطرقة تنظر في الأرض، وقد امتقع لونها، وتبدلت سحنتها وتولتها الرعدة فقال لها: «انظري إلي.»
فرفعت يدها كأنها تتقي بصره بكفها، وقالت: «دعني، لا أستطيع أن أنظر إليك. قل من أنت؟»
قال سعيد: «قولي أنت من أنا؟ كما قلت لك من أنت.»
فقالت الزهراء: «قل من أنت!»
قال سعيد: «أنا سعيد الوراق. بعثني أمير المؤمنين لأعلمك غناء أهل العراق.»
ناپیژندل شوی مخ