قال ياسر: «نعم إنها مصنوعة في دار الصناعة هنا.»
قال سعيد: «لم أكن أظن أن مثل هذا الإتقان ميسور في قرطبة؛ لأننا لم نعهد مثله في غير القسطنطينية أو رومية.»
قال ياسر: «إن في قرطبة من الصناعات الجميلة ما يضارع أحسن ما يصنع في تينك المدينتين، ولولا ضيق الوقت لذكرت لك شيئا كثيرا منها، فإنني أخشى أن يستبطئنا مولانا الناصر.»
قال سعيد: «أين هو الآن؟»
قال ياسر: «هو في مجلس نصل إليه من هذه الدار، والمجلس يشرف على الدار بحيث يتمتع الجالسون هناك بمنظر هذا الحوض، ويسمعون خرير الماء فيه.»
الفصل الأربعون
المجلس
ومشى سعيد بجانب ياسر وعيناه على ذلك الحوض، وما يتألق حوله من المصابيح أو الشموع بألوانها المختلفة، فتنعكس أشعتها على رشاش الماء المتساقط فتبهر النظر بجمالها. شغل ذلك المنظر ذهن سعيد حينا ثم عاد إلى هواجسه، وخاصة حين وصل إلى باب المجلس، والخصيان وقوف عنده بالحراب، وعلى العتبة هذه الأبيات:
صل من هويت ودع مقالة حاسد
ليس الحسود على الهوى بمساعد
ناپیژندل شوی مخ