وبدا الاهتمام على حاشية الملك، وتبادلوا النظر في صمت، أما الملك فسألها بصوته المهيب: هل هذا هو السر الذي تريدين إبلاغه لفرعون؟
فهزت رأسها قائلة ولم يفارقها ذهولها: نعم يا سيدي، ولكن ليس هذا جميع ما أريد قوله.
فقال لها فرعون بحدة وبلهجة آمرة شديدة الوقع لا تبقي على التردد: فما الذي ينبغي أن يقال؟ تكلمي.
فاندفعت المرأة إلى الكلام بخوف قائلة: لقد أحست مولاتي السيدة رده ديديت بدبيب آلام الوضع منذ الفجر، وكنت ضمن الوصيفات اللائي أحطن بفراشها يخففن عنها العذاب بالحديث تارة وبالعقاقير أخرى، وقبيل الوضع بزمن يسير دخل علينا الكاهن الأكبر، وبارك سيدتي وصلى للرب رع صلاة حارة، وكأنه أراد أن يشرح صدر سيدتي المعذب ويخفف عنها ويلات الساعة، فبشرها بأنها ستلد طفلا ذكرا، وأنه سوف يرث عرش مصر المكين، ويحكم وادي النيل خليفة للإله رع أتوم.
وقال لها وهو لا يملك نفسه من الفرح حتى لكأنه نسي وجودي، أنا التي لا تحظى مثلي غيرها بثقته: إن تمثال الرب المقدس زف إليه هذه البشرى بصوته الرباني. ولما وقع بصر سيدي علي انقبض صدره، وارتسم القلق على وجهه، ولكي يأمن شر الوساوس قبض علي وحبسني في مخزن الحبوب، ولكني تمكنت من الفرار، وامتطيت جوادا وانطلقت به في الطريق إلى منف لأبلغ الملك ما سمعت. والظاهر أن سيدي أحس بفراري، فأرسل في طلبي هؤلاء الجنود الذين لولاكم لقادوني إلى حتفي.
وكان الملك وصحابته يستمعون إلى قصة سرجا بانتباه وإمعان ودهشة، فتحققت لديهم نبوءة الساحر ديدي العجيبة، وكان الأمير رعخعوف شديد الجزع فقال لفرعون: لن يذهب تحذيرنا سدى!
فقال فرعون: نعم يا بني ... ولكن ينبغي ألا نضيع الوقت.
والتفت إلى المرأة وقال لها: سوف يجزيك فرعون عن إخلاصك خير الجزاء، وما عليك الآن إلا أن تقولي لنا عن الوجهة التي تولينها؟
فقالت سرجا: أرجو يا سيدي أن أذهب آمنة إلى قرية قونا حيث يقيم والداي.
فقال فرعون للضابط: أنت مسئول عن حياة هذه المرأة حتى تبلغ دارها.
ناپیژندل شوی مخ