الباب الرابع والمائة: ما قيل في المزاح
(قال الفقيه) رحمه الله: لا بأس بالمزاح بعد أن لا يتكلم بكلام فاحش يأثم فيه أو يقصد أن يضحك الناس فإن ذلك مذموم. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إني لأمزح ولا أقول إلا حقا)) وروي عن أنس: ((أن رجلا استحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني حاملك على ولد الناقة، فقال: ما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وهل تلد الإبل إلى النوق)) وروي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخالطنا فيقول لأخ لي: ((يا أيا عمير ما فعل النغير)) وروي أن عجوزا قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ادع الله تعالى أن يدخلني الجنة؟ فقال صلى الله عليه وسلم : إن الجنة لا تدخلها عجوز، فجعلت تبكي، فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: إنك أحزنتها، فقرأ صلى الله عليه وسلم : {إنا أنشأناهن إنشاء. فجعلناهن أبكارا. عربا أترابا} فسرت بذلك)) وروى حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل يكنى أبا عمرة: يا أم عمرة فلمس الرجل فرجه فقال يا رسول الله ما كنت أرى إلا أني امرأة فقال صلى الله عليه وسلم : إنما أنا بشر أمازحكم)).
(قال الفقيه): ولا تكثر المزاح فإن فيه ذهاب المهابة ويذمك عند الصلحاء ويجرئ عليك السفهاء وتنسب إلى الخفة، ولا تمازح من لم يكن بينك وبينه مخالطة ولم تعلم أخلاقه، ولا بأس بأن تمازح مع أقرانك وجلسائك في غير مأثم ولا إفراط فإن خير الأمور أوسطها لأن ذلك أولى أن لا تنسب إلى الثقل ولا إلى الخفة، والله أعلم.
الباب الخامس والمائة: في الفوائد
مخ ۳۸۱