ولشرف البيان وفضيلة اللسان قال أمير المؤمنين - عليه السلام-: المرء مخبوء تحت لسانه [فإذا تكلم ظهر] وهذا من أشرف الكلام وأحسنه، وأكثره معنى وأخصره، لأنك لا تعرف الرجل حق معرفته إلا إذا خاطبته وسمعت منطقه، ولذلك قال بعضهم. وقد سئل في كم تعرف الرجل؟ قال: إن سكت ففي يوم، وإن نطق ففي ساعة. وقال بعض الحكماء: إن # الله سبحانه أعلى درجة اللسان على سائر الجوارج فأنطقه بتوحيده، وقال الشاعر:
(وهذا اللسان بريد الفؤاد ... يدل الرجال على عقله)
وقال آخر:
(وكائن ترى من معجب لك صامت ... زيادته أو نقصه في التكلم)
فاللسان ترجمان اللب، وبريد القلب، والمبين عن الاعتقاد بالصحة أو الفساد، كما قال الشاعر:
(إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا)
وفيه الجمال، كما قال الله عز وجل: {ولتعرفنهم في لحن القول} وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سأله العباس فقال: فيم الجمال يا رسول الله؟ فقال: في اللسان، إلا أنه لما كان النقض للناس شاملا، والجهل في أكثرهم فاشيا، وكان كثير منهم يسرع إلى القول في غير موضعه، ويعجب بما ليس بمعجب من منطقه، احتاطت العلماء على الدهماء بأن أمورهم بالصمت، ومدحوه عندهم، وأعلموهم بأن الخطأ في السكوت أيسر من الخطأ في القول، وقالوا: عثرة اللسان لا تستقال.
وقال الشاعر:
(وجر اللسان كجرح اليد) # وقال آخر:
مخ ۵۹