ثم إن في الكتاب أشياء من باب اللغة ينبغي أن نذكرها، لأن الكاتب غير مستغن عن ملها، فمنها قولهم: مددت الدوات، إذا خلطت فيها مدادا، كما قال الله - سبحانه -: {والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله}، أمددتها: إذا زدتها مدادا، فإذا أمرت من مددت قلت: مد الدواة، ومن أمددت: أمدد وأمد، وتقول: ألقت الدواة فأنا أليقها # إلاقة، فإذا أمرت قلت ألق الدواة، ومعناه أدر كرسفها. وتقول: بريت القلم بالياء ولا يقال برأته، ويقال لما يسقط البراية، وإذا أمرت قلت: ابر يا رجل. وتقول: أحددت السكين، وحد هعو إذا صار حادا، وسكين يحد، فإذا أمرت قلت: أحد السكين. وتقول: أنشأت الكتاب أنشئه من قولك: أنشأ الله الخلق، فإذا أمرت قلت أنشئ الكتاب يا رجل، وتقول: أعجمت الكتاب: إذا نقطته، أعجمه، فإذا أمرت قلت: أعجم الكتاب. وتقول: أخطأت في الكتاب، فالهمزة. وتقول: وهمت في الكتاب، إذا سهوت فيه، فإذا أسقطت منه شيئا قلت: أوهمت، وإذا نهيت عن الوهم قلت: لا توهم، وإذا نهيت عن الإسقاط قلت: لا توهم، مثل لا توبق، وتقول: عرضت الكتاب بغير ألف، فإذا أمرت قلت أعرض الكتاب. وتقول: محوت الحرف بالواو، فإذا أمرت قلت امح . وتقول: وقعت في الكتاب، فإذا أمرت قلت: وقع، وعلمت فيه وإذا أمرت قلت: علم، وتقول: وكدت الكتاب وأكدته لغتان جيدتان فإذا أمرت قلت: وكد وأكد، وتقول: ورخته وأرخته وإذا أمرت قلت: ورخ وأرخ، وسحيت الكتاب وسحوته: إذا قشرت منه سحاة، ومنه سميت المسحاة لأنه يقشر بها الأرض، فإذا أمرت من ذلك قلت: أسح وسحيت الكتاب إذا شددته بسحاء فإذا أمرت قلت سح وتربت الكتاب أتربه تتريبا، وإذا أمرت قلت: ترب، وطينت الكتاب أطينه # وأطينه، وإذا أمرت قلت: طين الكتاب وأطينه، وختمت الكتاب بغير ألف أختمه، وإذا أمرت قلت: اختم، ويقال: عنونت بالكتاب: وقد قيل عنونته، والعنوان مشتق من عنيت به كذا وكذا، وكأنك أعلمت بالعنوان ما عنيت به في الكتاب، والعلوان مشتق من الإعلان، كأنك أعلمت بما كنيت به على العنوان ما فيه، وإذا أمرت من العنوان قلت عنونه، ومن العلوان قلت علونه؛ لهذه جوامع ما يحتاج إليه كاتب الخط.
كاتب اللفظ:
فأما كاتب اللفظ فهو المترسل، وقد مضى من ذكر الرسائل والخطب ما فيه كفاية لذوي الأدب، وإذا استشعر الكاتب ما أتينا به هناك، وأخذ محاسنه، وجانب معايبه، رجوت أن يبلغ من هذه الصناعة مبلغا. وكل ما حسن في الشعر حسن في القول، ولا بأس باستعمال الشعر. وإدخاله في الكتب اقتصارا وتمثيلا، وأن يقصد بذلك مكاتبة النظراء، ومن دون النظراء المتوسطي المحل من الرؤساء، ولا يستعمل في الكتب إلى السلطان ووزرائه، لأن محلهم يكبر عن ذلك.
الشعر:
واعلم أن الشعر أبلغ البلاغة، لأنه كلام بليغ موزون مؤلف. وقد قال أبو تمام: "البلاغة بعض الشعر" وحكى عنه [أبو] أيوب - رحمه الله - أنه قال له يوما وقد أطلع في كتاب يكتبه: يا أبا أيوب: "كلامك ذوب شعري وإذا استعمل المترسل في كتبه التمثيل بآداب الأوائل والاستشهاد بالقرآن، كان ذلك أحلى لمنطقه، وأحسن عند سامعه.
مخ ۲۸۴