والنتائج ثلاث: إحداها ما صدر عن قول مسلم في العقل لا خلاف فيه، فتكون النتيجة عنه برهانا كقولنا: إذا كان الزوج ما ركب من عددين متساويين فالأربعة زوج، والأخرى ما صدر عن قول مشهور إلا أنه مختلف فيه، فتكون النتيجة عنه إقناعا كقولنا: إذا كان حق الباري # - عز وجل - واجبا علينا، لأنه على لوجودنا، فقد وجب حق الوالد أيضا وصحة هذه النتيجة إنما تقع بالاحتجاج لمقدمتها حتى يعرف بها من لا يعرف ثم تصح. والثالثة ما صدر عن قول كاذب وضع المغالطة، كقولنا: إن اللصوص يخرجون بالليل [للسرقة] ففلان سارق لأنه خرج بالليل، وهذا باطل، لأن السارق ليس هو سارق من أجل خروجه بالليل، وإلا فكل من خرج بالليل فهو سارق.
والحد مأخوذ من أصل الشيء الذي منه كونه، وفصله الذي به بتفصل من غيره، فإن حد الحي هو الجسم الحساس المتحرك، فالجسم أصله، والحساس والمتحرك فصلاه اللذان ينفصل بهما من غيره من الأجسام التي لا تتحرك ولا تحس، وكذلك حد الديار فإنه مأخوذ من المدينة والمحلة اللتين هي منهما، ومن الجهات التي تنفصل بها من غيرها، وليس يتجه الحكم في سائر المذاهب على شيء غير محدود، ولا منفصل؛ ألا ترى أنه متى شهد شاهدان على رجل بحق عند قاض احتيج إلى أن يشهد الشهود جنسه الذي هو أصله وبعينه واسمه اللذين هما فصلاه اللذان يتفصل بهما من غيره، فإن عرفوا ذلك وشهدوا به، وإلا لم يمض القاضي حكما عليه، وكذلك الحق في نفسه فإنه يحتاج إلى أن يذكر أصله من الورق أو الذهب، وفصله من النقد والوزن فيقال: ورقا أو عينا وزن سبعة مثاقيل، فإذا فعل ذلك كان الحكم ماضيا بيقين من القاضي أنه قد أصاب الحكم فيما # أمر به.
مخ ۶۹