اختيار الرسول:
والذي يحتاج إليه المرسل في الرسول حتى يكون عند ذوي العقول ليبيا، ومن الصواب قريبا، أن يختاره حتى يكون أفضل من بحضرته في عقله وضبطه، وأدبه وعارضته، ودينه ومروءته، فقد كان يقال: ثلاثة تدل على أهلها: الهدية على المهدي، والرسول على المرسل والكتاب على الكاتب وكان يقال: رسول الرجل مكان رأيه، وكتابه مكان عقله، وكذلك جعل الله - عز وجل - رسله أفضل خلقه، وأخبر أنه اصطفاهم على العالمين، فقال: {الله أعلم حيث يجعل رسالته} وإنما وجب أن يختار العاقل رسوله، لأنه قد أقامه فيما يؤدبه عنه مقامه، فعليه أن يجعله يختار العاقل رسوله، لأنه قد أقامه فيما يؤدبه عنه مقامه، فعليه أن يجعله أفضل من بحضرته ، وعلى الرسول [أن] يؤدي ما حمل كما قال الله - عز وجل - {فإنما عليه ما حمل} وكما قال: {فهل على الرسل إلا البلاغ المبين}، وإنما وجب عليه البلاغ لأن الرسالة أمانة فعليه تأديتها، لأن الله - عز وجل - يقول: {إن الله يامركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}، وليس للرسول أن يزيد في الرسالة، ولا أن ينقص منها، لأن ذلك خيانة للأمانة، إلا أن يكون المرسل قد فوض إليه أن يتكلم عنه بما يرى فقد قال الشاعر:
(وإن كنت في حاجة مرسلا ... فأرسل حكيما ولا توصه)
مخ ۱۷۳