ثم آنس نبيه ﵇ بقوله: "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون " (آية: ٣٢)
أي أن هذا دأبهم وعادتهم حتى كأنهم تعاهدوا عليه وألقاه بعضهم
إلى بعض فقال تعالى: "أتواصوا به بل هم قوم طاغون "
أي عجبا لهم في جريهم في التكذيب والعناد في مضمار واحد، ثم قال تعالى: "بل هم قوم طاغون " أي أن علة تكذيبهم هي التي اتحدت فاتحد معلولها، والعلة طغيانهم وإظلام قلوبهم بما سبق " وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا " ثم زاد نبيه ﵇ أشياء لما ورد على طريقة تخييره ﵊ في أمرهم من قوله تعالى: "فتول عنهم فما أنت بملوم " (آية: ٣٤)، ثم أشار تعالى بقوله: "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " (آية: ٣٥) إلى أن إحراز أجره ﵊ إنما هو في التذكار والدعاء إلى الله تعالى، ثم ينفع الله بذلك من سبقت له السعادة، (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ)
ثم أخبر نبيه ﵊ بأن مكذبيه سينالهم قسط ونصيب مما نال
غيرهم ممن ارتكب مرتكبهم وسلك مسلكهم فقال تعالى: "فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ" إلى آخر السورة.