17-لم أشترط فيما أبقيت عليه من الآثار هنا صحة أسانيدها أي ثبوتها عن قائليها بل ذكرت ما ذكرته منها وأنا أعلم أن كثيرا منها لا تصح أسانيدها ولكني إنما أردت متون الأقوال لا قائليها ولا نسبتها إليهم، وهي في الجملة آثار طيبة صحيحة المعاني جليلة القدر كبيرة الفائدة، تشهد لبعضها ويشهد لها قبل ذلك القرآن والسنة وأصول الدين وما ثبت عن الصحابة والتابعين واتفق عليه جماعة المسلمين، فالحكمة ضالة المؤمن؛ فإنه يبحث عن كل ما يدفعه إلى التكثر من الطاعة والمسارعة إلى الاستقامة ويحرص على كل ما يهيجه إلى العمل ويسوقه إلى الاجتهاد في التعبد، ويقربه إلى الورع والتزهد، ويؤدي به إلى الإقبال على الآخرة والرغبة فيها، ويسمع كل ما يكون فيه عظة له وعبرة؛ ويجمع كل ما فيه تبصرة له وذكرى؛ ومن هنا فإنك تجد كتب الزهد والتزكية لكبار علمائنا من أئمة الحديث وغيرهم - كابن المبارك ووكيع وأحمد وهناد - حافلة بالنقل عن الاسرائيليات وأخبار الرهبان، فضلا عن الآثار الموقوفة عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم سواء ثبتت أسانيدها عنهم أو لم تثبت.
مخ ۹