بسم الله الرحمن الرحيم
[خطبة الكتاب]
الحمد لله الذي افتتح بالحمد كتابه، وجعل الحمد كفاء لنعمه، وآخر دعاء أهل جنته، خالق السماوات العلى والأرضين السفلى، وما بينهما وما تحت الثرى، العالم بما خلق قبل كونه، والمدبر لما أحدث على غير مثال من غيره، أحاط بكل شيء علما وأحصاه عددا، له الملك والسلطان والعزة وهو على كل شيء قدير وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم.
قال أحمد بن أبي يعقوب: إني عنيت في عنفوان شبابي، وعند احتيال سني، وحدة ذهني بعلم أخبار البلدان، ومسافة ما بين كل بلد وبلد، لأني سافرت حديث السن، واتصلت أسفاري، ودام تغربي، فكنت متى لقيت رجلا من تلك البلدان سألته عن وطنه ومصره، فإذا ذكر لي محل داره وموضع قراره، سألته عن بلده ذلك في ...
لدته «1» ما هي؟ وزرعه ما هو؟ وساكنيه من هم من عرب أو عجم؟ ... شرب أهله حتى أسأل عن لباسهم ... ودياناتهم ومقالاتهم والغالبين عليه والمنرا «2» ... مسافة ذلك البلد، وما يقرب منه من البلدان.. والرواحل، ثم أثبت كل ما يخبرني به من أثق بصدقه، وأستظهر بمسألة قوم بعد قوم، حتى سألت خلقا كثيرا، وعالما من الناس في الموسم وغير الموسم، من أهل المشرق والمغرب، وكتبت أخبارهم، ورويت أحاديثهم، وذكرت من فتح بلدا بلدا، وجند مصرا مصرا «3» من الخلفاء والأمراء، ومبلغ خراجه وما يرتفع من أمواله، فلم أزل أكتب هذه الأخبار وأؤلف هذا الكتاب دهرا طويلا، وأضيف كل خبر إلى بلده، وكل ما أسمع به من ثقات أهل الأمصار إلى ما تقدمت عندي معرفته.
مخ ۹
وعلمت أنه لا يحيط المخلوق بالغاية، ولا يبلغ البشر النهاية، وليست شريعة لا بد من تمامها، ولا دين لا يكمل إلا بالإحاطة به، وقد يقول أهل العلم في علم أهل الدين الذين هو الفقه مختصر كتاب فلان الفقيه، ويقول أهل الآداب في كتب الآداب مثل اللغة، والنحو، والمغازي، والأخبار، والسير مختصر كتاب كذا، فجعلنا هذا الكتاب مختصرا لأخبار البلدان، فإن وقف أحد من أخبار بلد مما ذكرنا على ما لم نضمنه كتابنا هذا، فلم نقصد أن يحيط بكل شيء.
وقد قال الحكيم: ليس طلبي للعلم طمعا في بلوغ قاصيته، واستيلاء على نهايته، ولكن معرفة ما لا يسع جهله، ولا يحسن بالعاقل خلافه، وقد ذكرت أسماء الأمصار، والأجناد، والكور، وما في كل مصر من المدن والأقاليم، والطساسيج «1» ، ومن يسكنه، ويغلب عليه، ويترأس فيه من قبائل العرب، وأجناس العجم، ومسافة ما بين البلد والبلد، والمصر والمصر، ومن فتحه من قادة جيوش الإسلام، وتأريخ ذلك في سنته، وأوقاته، ومبلغ خراجه، وسهله، وجبله، وبره، وبحره، وهوائه في شدة حره، وبرده، ومياهه، وشربه.
مخ ۱۰
بغداد
وإنما ابتدأت بالعراق «1» لأنها وسط الدنيا، وسرة الأرض، وذكرت بغداد «2» لأنها وسط العراق، والمدينة العظمى، التي ليس لها نظير في مشارق الأرض ومغاربها سعة، وكبرا، وعمارة وكثرة مياه، وصحة، وهواء.
ولأنه سكنها من أصناف الناس، وأهل الأمصار، والكور «3» ، [و] «4» انتقل إليها من جميع البلدان القاصية والدانية، وآثرها جميع أهل الآفاق على أوطانهم، فليس من أهل البلد إلا ولهم فيها محلة، ومتجر، ومتصرف، فاجتمع بها ما ليس في مدينة في الدنيا.
مخ ۱۱
ثم يجري في حافيتها النهران الأعظمان دجلة «1» والفرات «2» فتأتيها التجارات والمير «3» برا وبحرا بأيسر السعي حتى تكامل بها كل متجر يحمل من المشرق والمغرب من أرض الإسلام وغير أرض الإسلام فإنه يحمل إليها من الهند «4» والسند «5» والصين»
والتبت «7»
مخ ۱۲
والترك «1» والديلم «2» والخزر «3» والحبشة «4» ، وسائر البلدان، حتى يكون بها من
مخ ۱۳
تجارات البلدان أكثر مما في تلك البلدان التي خرجت التجارات منها، ويكون مع ذلك أوجد وأمكن، حتى كأنما سيقت إليها خيرات الأرض، وجمعت فيها ذخائر الدنيا، وتكاملت بها بركات العالم، وهي مع هذا مدينة بني هاشم «1» ودار ملكهم، ومحل سلطانهم، لم يبتد بها أحد قبلهم، ولم يسكنها ملوك سواهم.
ولأن سلفي كانوا القائمين بها، واحدهم تولى أمرها، ولها الاسم المشهور والذكر الذائع، ثم هي وسط الدنيا، لأنها على ما أجمع عليه قول الحساب وتضمنته كتب الأوائل من الحكماء في الإقليم الرابع، وهو الإقليم الأوسط الذي يعتدل فيه الهواء في جميع الأزمان والفصول.
فيكون الحر بها شديدا في أيام القيظ، والبرد شديدا في أيام الشتاء، ويعتدل الفصلان الخريف والربيع في أوقاتهما.
ويكون دخول الخريف إلى الشتاء غير متباين الهواء، ودخول الربيع إلى الصيف غير متباين الهواء، وكذلك كل فصل ينتقل من هواء إلى هواء، ومن زمان إلى زمان، فلذلك اعتدل الهواء، وطاب الثوى «2» ، وعذب الماء، وزكت الأشجار، وطابت الثمار، وأخصبت الزروع، وكثرت الخيرات، وقرب مستنبط معينها «3» .
وباعتدال الهواء، وطيب الثرى، وعذوبة الماء حسنت أخلاق أهلها، ونضرت وجوههم، وانفتقت أذهانهم حتى فضلوا الناس في العلم، والفهم، والأدب، والنظر، والتمييز، والتجارات، والصناعات، والمكاسب، والحذق «4» بكل مناظرة، وإحكام كل مهنة، وإتقان كل صناعة، فليس عالم أعلم من عالمهم، ولا أروى من روايتهم، ولا أجدل من متكلمهم، ولا أعرب «5» من نحويهم «6» ، ولا أصح من قارئهم، ولا أمهر من متطببهم، ولا أحذق من مغنيهم، ولا ألطف من صانعهم، ولا أكتب من كاتبهم، ولا
مخ ۱۴
أبين من منطيقهم «1» ، ولا أعبد من عابدهم، ولا أورع من زاهدهم، ولا أفقه من حاكمهم، ولا أخطب من خطيبهم، ولا أشعر من شاعرهم، ولا أفتك من ماجنهم.
ولم تكن بغداد مدينة «2» في الأيام المتقدمة، أعني أيام الأكاسرة «3» والأعاجم «4» ، وإنما كانت قرية من قرى طسوج بادوريا «5» .
وذلك أن مدينة الأكاسرة التي خاروها «6» من مدن العراق المدائن «7» ، وهي من
مخ ۱۵
بغداد على سبعة فراسخ وبها إيوان «1» كسرى أنوشروان «2» ، ولم يكن ببغداد إلا دير على موضع مصب الصراة «3» إلى دجلة الذي يقال له: قرن الصراة، وهو الدير الذي يسمى الدير العتيق، قائم بحاله إلى هذا الوقت، نزله الجاثليق «4» رئيس النصارى النسطورية «5» .
ولم تكن أيضا بغداد في أيام العرب لما جاء الإسلام لأن العرب اختطت البصرة، والكوفة «6» ، فاختط الكوفة سعد بن أبي وقاص الزهري «7» في سنة سبع عشرة، وهو عامل عمر بن الخطاب «8» .
مخ ۱۶
واختط البصرة عتبة بن غزوان المازني «1» - مازن قيس- في سنة سبع عشرة وهو يومئذ عامل عمر بن الخطاب.
مخ ۱۷
واختطت العرب في هاتين المدينتين خططها إلا أن القوم جميعا قد انتقل وجوههم وجلتهم ومياسير تجارهم «1» إلى بغداد .
ولم ينزل بنو أمية العراق لأنهم كانوا نزولا بالشام، وكان معاوية بن أبي سفيان «2» عامل الشام لعمر بن الخطاب، ثم لعثمان بن عفان «3» عشرين سنة، وكان ينزل مدينة
مخ ۱۸
دمشق وأهله معه، فلما غلب على الأمر وصار إليه السلطان «1» جعل منزله وداره دمشق التي بها كان سلطانه، وأنصاره، وشيعته.
ثم نزل بها ملوك بني أمية بعد معاوية لأنهم بها نشأوا لا يعرفون غيرها، ولا يميل إليهم إلا أهلها، فلما أفضت الخلافة إلى بني عم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد العباس بن عبد المطلب «2» عرفوا بحسن تمييزهم، وصحة عقولهم، وكمال آرائهم فضل العراق، وجلالتها، وسعتها، ووسطها للدنيا، وأنها ليست كالشام الوبيئة الهواء، الضيقة المنازل، الحزنة الأرض، المتصلة الطواعين، الجافية الأهل.
ولا كمصر المتغيرة الهواء، الكثيرة الوباء، التي إنما هي بين بحر رطب عفن «3» كثير البخارات الرديئة التي تولد الأدواء وتفسد الغذاء، وبين الجبل اليابس «4» الصلد الذي ليبسه، وملوحته، وفساده لا ينبت فيه خضر ولا ينفجر منه عين ماء.
ولا كأفريقية «5» البعيدة عن جزيرة الإسلام وعن بيت الله الحرام، الجافية الأهل، الكثيرة العدو.
مخ ۱۹
ولا كأرمينية، النائية الباردة، الصردة «1» الحزنة التي يحيط بها الأعداء، ولا مثل كور الجبل، الحزنة، الخشنة، المثلجة، دار الأكراد «2» ، الغيلظي الأكباد.
ولا كأرض خراسان، الطاعنة في مشرق الشمس، التي يحيط بها من جميع أطرافها عدو كلب، ومحارب حرب.
ولا كالحجاز «3» ، النكدة المعاش، الضيقة المكسب، التي قوت أهلها من غيرها، وقد أنبأنا الله عز وجل في كتابه عن إبراهيم خليله عليه السلام فقال: ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع
[إبراهيم: 37] .
ولا كالتبت، التي بفساد هوائها، وغذائها تغيرت ألوان أهلها، وصغرت أبدانهم، وتجعدت شعورهم، فلما علموا أنها أفضل البلدان نزلوا مختارين لها، فنزل أبو العباس أمير المؤمنين وهو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الكوفة أول مرة، ثم انتقل إلى الأنبار «4» ، فبنى مدينة على شاطىء الفرات، وسماها
مخ ۲۰
الهاشمية «1» ، وتوفي أبو العباس رضي الله عنه قبل أن يستتم المدينة . فلما ولي أبو جعفر المنصور «2» الخلافة، وهو أيضا عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب بنى مدينة بين الكوفة، والحيرة «3» سماها الهاشمية، وأقام بها مدة، إلى أن
مخ ۲۱
عزم على توجيه ابنه محمد المهدي «1» لغزو الصقالبة «2» في سنة أربعين ومائة، فصار إلى بغداد، فوقف بها وقال: ما اسم هذا الموضع؟ قيل له: بغداد. قال:
والله المدينة التي أعلمني أبي محمد بن علي أني أبنيها وأنزلها وينزلها ولدي من بعدي.
ولقد غفلت عنها الملوك في الجاهلية والإسلام حتى يتم تدبير الله، إلي وحكمه في، وتصح الروايات، وتبين الدلائل والعلامات، وإلا فجزيرة بين دجلة والفرات، دجلة شرقيها، والفرات غربيها، مشرعة للدنيا.
كل ما يأتي في دجلة من واسط «3» والبصرة والأبلة «4» والأهواز، وفارس «5»
مخ ۲۲
وعمان «1» واليمامة «2» والبحرين «3» وما يتصل بذلك، فإليها ترقى، وبها ترسى.
وكذلك ما يأتي من الموصل «4» وديار ربيعة «5» وآذربيجان وأرمينية مما يحمل في السفن في دجلة.
مخ ۲۳
وما يأتي من ديار مصر، والرقة «1» والشام «2» والثغر «3» ومصر والمغرب «4» مما يحمل في السفن في الفرات.
فيها يحط وينزل ومدرجة أهل الجبل أصبهان وكور خراسان، فالحمد لله الذي ذخرها لي، وأغفل عنها كل من تقدمني، والله لأبنيها ثم أسكنها أيام حياتي، ويسكنها ولدي من بعد، ثم لتكونن أعمر مدينة في الأرض، ثم لأبنين بعدها أربع مدن لا تخرب واحدة منهن أبدا، فبناها، وهي الرافقة «5» ولم يسمها، وبنى ملطية المصيصة، وبنى المنصورة «6» بالسند، ثم وجه في إحضار المهندسين وأهل المعرفة بالبناء، والعلم
مخ ۲۴
بالذرع، والمساحة، وقسمة الأرضين حتى اختط مدينته المعروفة بمدينة أبي جعفر «1» ، وأحضر البنائين والفعلة والصناع من النجارين، والحدادين، والحفارين، فلما اجتمعوا وتكاملوا أجرى عليهم الأرزاق، وأقام لهم الأجرة، وكتب إلى كل بلد في حمل من فيه ممن يفهم شيئا من البناء فحضره مائة ألف من أصناف المهن والصناعات.
خبر بهذا جماعة من المشايخ أن أبا جعفر المنصور لم يبتد البناء حتى تكامل له من الفعلة وأهل المهن مائة ألف.
ثم اختطها في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائة، وجعلها مدورة، ولا تعرف في جميع أقطار الدنيا مدينة مدورة «2» غيرها.
ووضع أساس المدينة في وقت اختاره نوبخت المنجم، وما شاء الله بن سارية، وقبل وضع الأساس ما ضرب اللبن العظام.
وكان في اللبنة التامة المربعة ذراع في ذراع، وزنها مائتا رطل، واللبنة المنصفة طولها ذراع، وعرضها نصف ذراع، ووزنها مائة رطل، وحفرت الآبار للماء وعملت القناة التي تأخذ من نهر كرخابا «3» ، وهو النهر الآخذ من الفرات فأتقنت القناة وأجريت إلى داخل المدينة للشرب، ولضرب اللبن، وبل الطين، وجعل للمدينة أربعة أبواب، بابا سماه باب الكوفة، وبابا سماه باب البصرة، وبابا سماه باب خراسان، وبابا سماه باب الشام، وبين كل باب منها إلى الآخر خمسة آلاف ذراع بالذراع السوداء «4» من خارج الخندق، وعلى كل باب منها بابا حديد عظيمان جليلان، ولا يغلق الباب الواحد منها، ولا يفتحه إلا جماعة رجال.
مخ ۲۵
يدخل الفارس بالعلم، والرامح بالرمح الطويل من غير أن يميل العلم، ولا يثني الرمح، وجعل سورها باللبن العظام التي لم ير مثلها قط على ما وصفنا من مقدارها والطين.
وجعل أساس السور تسعين ذراعا بالسوداء، ثم ينحط حتى يصير في أعلاه على خمس وعشرين ذراعا، وارتفاعه ستون ذراعا مع الشرفات، وحول السور فصيل «1» جليل عظيم، بين حائط السور وحائط الفصيل مائة ذراع بالسوداء.
وللفصيل أبرجة عظام وعليه الشرفات المدورة، وخارج الفصيل، كما يدور، مسناة «2» بالآجر «3» والصاروج «4» متقنة محكمة عالية، والخندق بعد المسناة قد أجري فيه الماء من القناة التي تأخذ من نهر كرخابا، وخلف الخندق الشوارع العظماء.
وجعل لأبواب المدينة أربعة دهاليز عظاما آزاجا «5» كلها، حول كل دهليز ثمانون ذراعا كلها معقودا بالآجر والجص.
فإذا دخل من الدهليز الذي على الفصيل وافى رحبة مفروشة بالصخر، ثم دهليزا على السور الأعظم عليه بابا حديد جليلان عظيمان، لا يغلق كل باب ولا يفتحه إلا جماعة رجال، والأبواب الأربعة كلها على ذلك، فإذا دخل من دهليز السور الأعظم سار في رحبة إلى طاقات معقودة بالآجر والجص، فيها كواء رومية «6» يدخل منها الشمس والضوء، ولا يدخل منها المطر وفيها منازل الغلمان، ولكل باب من الأبواب الأربعة طاقات وعلى كل باب من أبواب المدينة التي على السور الأعظم قبة معقودة عظيمة مذهبة، وحولها مجالس، ومرتفعات يجلس فيها فيشرف على كل ما يعمل به، يصعد إلى هذه القباب على عقود مبنية بعضها بالجص والآجر، وبعضا باللبن العظام.
قد عملت آزاجا بعضها أعلى من بعض فداخل الآزاج للرابطة والحرس،
مخ ۲۶
وظهورها عليها المصعد إلى القباب التي على الأبواب على الدواب، وعلى المصعد أبواب تغلق فإذا خرج الخارج من الطاقات خرج إلى رحبة، ثم إلى دهليز عظيم أزج معقود بالآجر والجص عليه بابا حديد يخرج من الباب إلى الرحبة العظمى، وكذلك للطاقات الأربعة على مثال واحد.
وفي وسط الرحبة القصر الذي سمي بابه باب الذهب، وإلى جنب القصر المسجد الجامع، وليس حول القصر بناء ولا دار، ولا مسكن لأحد إلا دار من ناحية الشام للحرس، وسقيفة كبيرة ممتدة على عمد مبنية بالآجر والجص يجلس في إحداهما صاحب الشرطة وفي الأخرى صاحب الحرس، وهي اليوم يصلي فيها الناس، وحول الرحبة.
كما تدور منازل أولاد المنصور الأصاغر ومن يقرب من خدمته من عبيده وبيت المال، وخزانة السلاح، وديوان الرسائل «1» ، وديوان الخراج «2» ، وديوان الخاتم «3» ، وديوان الجند «4» ، وديوان الحوائج «5» ، وديوان الأحشام «6» ، ومطبخ العامة، وديوان
مخ ۲۷
النفقات، وبين الطاقات «1» إلى الطاقات، السكك «2» ، والدروب تعرف بقواده، ومواليه، وبسكان كل سكة.
فمن باب البصرة إلى باب الكوفة سكة الشرطة، وسكة الهيثم، وسكة المطبق، وفيها الحبس الأعظم الذي يسمى المطبق، وثيق البناء محكم السور، وسكة النساء، وسكة سرجس، وسكة الحسين، وسكة عطية مجاشع، وسكة العباس، وسكة غزوان، وسكة ابن حنيفة، وسكة الضيقه.
ومن باب البصرة إلى باب خراسان سكة الحرس، وسكة النعيمية، وسكة سليمان، وسكة الربيع، وسكة مهلهل، وسكة شيخ بن عميرة، وسكة المرورودية، وسكة واضح، وسكة السقائين، وسكة ابن بريهة بن عيسى بن المنصور، وسكة أبي أحمد، والدرب الضيق.
ومن باب الكوفة إلى باب الشام سكة العكي، وسكة أبي قرة، وسكة عبدويه، وسكة السميدع، وسكة العلاء ، وسكة نافع، وسكة أسلم، وسكة منارة.
ومن باب الشام إلى باب خراسان سكة المؤذنين، وسكة دارم، وسكة إسرائيل، وسكة تعرف في هذا الوقت بالقواريري- قد ذهب عني اسم صاحبها-، وسكة الحكم بن يوسف، وسكة سماعة، وسكة صاعد- مولى أبي جعفر-، وسكة تعرف اليوم بالزيادي- وقد ذهب عني اسم صاحبها-، وسكة غزوان.
هذه السكك بين الطاقات، والطاقات داخل المدينة وداخل السور، وفي كل سكة من هذه السكك جلة القواد الموثوق بهم في النزول معه، وجلة مواليه ومن يحتاج إليه في الأمر المهم، وعلى كل سكة من طرفيها الأبواب الوثيقة، ولا تتصل سكة منها بسور الرحبة التي فيها دار الخلافة، لأن حوالي سور الرحبة كما تدور الطريق، وكان الذين هندسوها عبد الله بن محرز، والحجاج بن يوسف «3» ، وعمران بن الوضاح،
مخ ۲۸