الصراع عن ارتكاب أحد أمرين : إما إنكار القدر وإلقضاء وهو لا يصح أن يصدر من مسلم مؤمن بكتاب الله ، وإما إنكار القدرة والاختيار وهو يخالف الوجدان والفطرة السليمة ، وأما الجمع بينهما فهو أمر غير ممكن.
والحق أن الاعتقاد بالقدر بالمعنى الوارد في الروايات السابقة لا ينفك عن الجبر قيد شعرة ، وللعبد الاحتجاج على المولى بأن الفعل بعد تنزله من مرتبة العلم إلى مرتبة الكتابة ومنهما إلى درجة المشيئة فدرجة الخلق والإيجاد يكون عندئذ مخلوقا لله سبحانه وفعلا له ، وكل فاعل مسؤول عن فعل نفسه لا فعل غيره. ( ولاتزر وازرة وزر أخرى ) (1). ولا تكون حينئذ للفعل أية صلة بالعبد إلا كونه ظرفا للصدور ومحلا لإيجاده سبحانه.
ولكن الإمامية مع اعترافهم بالمراتب الأربع للقدر لا يرونه ملازما للجبر ، بل يرون للعبد بعدها اختيارا وحرية. ولأجل ذلك يجب تركيز الكلام في تفسير كون الفعل موردا لمشيئته وكونه مخلوقا له سبحانه ، وإليك بيان هذين الأمرين :
** القول بالقدر لا يلازم الجبر
إن منشأ توهم الجبر وكون الإنسان مسيرا لا مخيرا أحد أمرين :
1 كون فعله متعلقا لمشيئته سبحانه وما شاء الله يقع حتما.
2 كونه خالقا لكل شيء حتى أفعال عباده وإلا بطل التوحيد في الخالقية.
وبالبيان التالي يظهر بطلان التوهم المذكور ، وأن واحدا من الأصلين لا يقتضي الجبر ، إذا فسر على الوجه الصحيح ، لا على الوجه الذي يتبناه أهل الحديث وحتى الأشاعرة. فنقول :
مخ ۲۵۴