222

أضف إلى ذلك أن الملاعنة من الطرفين أقوى شاهد على فساد إحدى الطائفتين وليس الحق خافيا على مبتغيه ، كما أن الصبح لا يخفى على ذي عينين.

وهناك كلام للشيخ التفتازاني في شرح مقاصده أخذته العصبية في الدعوة إلى ترك الكلام في حق البغاة والجائرين ، ومع ذلك كله فقد أصحر بالحقيقة فقال : ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ والمذكور على ألسنة الثقات يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق ، وبلغ حد الظلم والفسق ، وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد وطلب الملك والرئاسة والميل إلى اللذات والشهوات ، إذ ليس كل صحابي معصوما ، ولا كل من لقي النبي (ص) بالخير موسوما ، إلا أن العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق ، وذهبوا إلى أنهم محفوظون عما يوجب التضليل وإلتفسيق صونا لعقائد المسلمين عن الزيغ والضلالة في حق كبار الصحابة سيما المهاجرين منهم ، والأنصار ، والمبشرين بالثواب في دار القرار.

وأما ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء ، ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء ، إذ تكاد تشهد به الجماد والعجماء ، ويبكي له من في الأرض والسماء ، وتنهد منه الجبال وتنشق الصخور ، ويبقى سوء عمله على كر الشهور ، ومر الدهور فلعنة الله على من باشر أو رضي أو سعى ولعذاب الآخرة أشدوأبقى.

فإن قيل : فمن علماء المذاهب من لم يجوز اللعن على يزيد مع علمهم بأنه يستحق ما يربو على ذلك ويزيد؟ قلنا : تحاميا عن أن يرتقى إلى الأعلى فالأعلى كما هو شعار الروافض على ما يروى في أدعيتهم ويجري في أنديتهم ، فرأى المعتنون بأمر الدين ، إلجام العوام بالكلية طريقا إلى الاقتصاد في الاعتقاد ، بحيث لا تزل الأقدام على السواء ولا تضل الأفهام بالأهواء وإلافمن يخفى عليه الجواز والاستحقاق وكيف لا يقع عليهما الاتفاق ، وهذا هو السر فيما نقل عن السلف من المبالغة في مجانبة أهل الضلال وسدطريق لا يؤمن

مخ ۲۲۹