191

صراع بين العقيدة والوجدان

نرى أن بعض الشباب المسلم في البلاد الإسلامية ، قد انخرطوا في الأحزاب السياسية ، ورفضوا الدين من أساسه ، ولعل بعض السبب هو أنهم وجدوا في أنفسهم صراعا بين العقيدة والوجدان. فمن جانب ، توحي إليهم فطرتهم وعقيدتهم الإنسانية السليمة ، أنه تجب مكافحة الظالمين ، والخروج عليهم ، ونصرة المظلومين وانتزاع حقوقهم من أيدي الظالمين; ومن جانب آخر يسمعون من علماء الدين أو المتزيين بلباسهم ، أنه لا يجوز الخروج على السلطان ، بل تجب طاعته وإن أمر بالظلم والعدوان. فحينئذ يقع الشاب في حيرة من أمره بين اتباع الفطرة والعقل السليم ، واتباع كلام هؤلاء العلماء الذين ينطقون باسم الدين خصوصا إذا كان المتكلم رجلا يكيل له المجتمع الاحترام والإكبار ، ويعرفه التاريخ بالخطيب الزاهد ، كالحسن البصري فإنه عندما سئل عن مقاتلة الحجاج ذلك السيف المشهر على الأمة والإسلام فأجاب : أرى أن لا تقاتلوه ، فإنه إن يكن عقوبة من الله ، فما أنتم براديها ، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين. فخرج السائلون من عنده وهم يقولون مستنكرين ما سمعوا منه : أنطيع هذا العلج. ثم خرجوا مع ابن الأشعث إلى قتال الحجاج. (1)

فإذا سمع الشاب الثوري هذه الكلمة من عميد الدين وخطيبه كما يقال عاد يصف جميع رجال الدين بما وصف به الحسن البصري ، وبالتالي يخرج من الدين ويتركه ، ويصف الدين سنادا للظالم وملجأ له.

وفي الختام نوجه نظر الأعلام من السنة إلى خطورة الموقف في هذه الأيام ، وأن أعداءالإسلام لبالمرصاد يصطادون الشباب بسهام الدعاية الكاذبة ، ويعرفون الإسلام بأنه سند الظالمين وركن الجائرين بحجة أنه ينهى عن الخروج على السلطان الجائر.

مخ ۱۹۸