** الثانية :
هو سرد العقائد من دون نقد أو تحليل ، وكأنهم زعموا أن واجب المؤرخ لا يتعدى بيان الحوادث في التاريخ ، وعرض العقائد في مجال الملل والنحل ، وكأن إحقاق الحق واجب المتكلم فقط ، ونحن ضربنا عن هذا صفحا وتوخينا بيان الحق على وجه يناسب كتاب « الملل والنحل » ، وهذا هو المنهج الذي مشينا عليه في أجزاء الكتاب كلها ، وهو تحقيق الموضوع الذي طرح للبحث من جانب كل فرقة وملة.
ولأجل ذلك أصبح الكتاب : كتابا كلاميا أولا ، وتاريخيا للعقائد والمذاهب ثانيا ، وموسوعة لبيان حالات رجالهم وشخصياتهم وتاريخ نشوئهم ثالثا.
وأرجو منه سبحانه أن يوفقنا لما فيه رضاه وأن يصوننا من الزلة في الرأي والقول والفعل والعمل.
وأما الفرق التي دار حولها البحث والنقد فهي على سبيل الفهرس :
1 « أهل الحديث والحنابلة » الذين يعبر عنهم في عصرنا هذا ب « السلفية » حتى صارت هذه الكلمة شعارا لهم ، وكأن « السلف » معصوم من الزلة متحرر من الخطأ.
2 « الأشاعرة » آراؤهم وأفكارهم وترجمة مفكريهم ومحققيهم ، وإنما قدمنا هذه الفرقة على « المعتزلة » مع أن الشيخ الأشعري مؤسس هذا المذهب كان معتزليا ثم تاب عن الاعتزال ورجع إلى مذهب الإمام « أحمد بن حنبل » وأسس مذهبا معتدلا بين المذهبين وإنما قدمناه لأجل الصلة القويمة بين المذهبين : « أهل الحديث » و « الأشاعرة ».
3 الحركات الرجعية في القرون الأولى كالمرجئة والجهمية والكرامية والظاهرية ، وسيوافيك أن آراءهم وأفكارهم في هذه القرون كانت رجعية بحتة تخالف منطق العقل الذي تعتمد عليه المعتزلة ، ومنطق الكتاب والسنة الذي يعرج عليهما الحنابلة ، وأما الذي تولى كبرها فسوف يظهر لك في ذلك الفصل.
مخ ۱۶