وملَخّص ما أجَاب: أنّ الأرَواحَ قسمان: أرواح معذبة، وأرواحٌ منعّمة، والمعذّبة في شُغل، بما هي فيه من العذاب، عَن التزاور والتلاقي، والأرواح المنعّمة مرسلة، غيرُ محبوسة تتلاقى وتتزاور، وتتذاكر ما كان منها في الدنيا، وما يكون من أهل الدنيا فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها، وروح نبينّا ﷺ مع الرفيق الأعلى قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ [النِّساء: الآية ٦٩] الآية (١). وهذه المعية ثابتة في الدنيا وفي دار البرزخ وفي دار الجزاء، والمرء مع من أحبّ في هذه الدور الثلاث وروى جرير عن مسروق قال: قال أصحاب محمّد ﷺ: ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا، فإذا مت رفعت فوقنا فلم نرك فأنزل الله ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ [النِّساء: الآية ٦٩] الآية.
وقال الشعبي: جاء رجل من الأنصار وهو يبكي إلى النّبيِّ ﷺ فقال: "ما يبكيك يا فلان؟ " فقال: يا نبي الله والله الذي لا إله إلا هُو لأنت أحبّ إليّ من نفسي، وأنّا نذكرك أنا وأهلي فيأخذني كذا، حتى أراك فذكرت موتك وموتي، فعرفت أني لن أجامعك إلّا في الدُنيا، وأنك ترفع مع النّبيّين وعرفت أنّي إن دخلت الجنّة، كنتُ في منزل أدنى من منزلك فلم يرد النبي ﷺ عليه شيئًا فأنزل الله ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ [النِّساء: الآية ٦٩] الآية (٢).
(١) "الروح" ص ٤٥.
(٢) رواه سعيد بن منصور ٤/ ١٣٠٧ - ١٣٠٨ (٦٦١) من طريق عطاء بن السائب عن الشعبي مرسلًا. ورواه الطبراني ١٢/ ٨٦ (١٢٥٥٩) من طريق عطاء عن الشعبي عن ابن عباس، به.