للموصوف وحينئذ فيكون الموصوف مستلزما لصفة لا توجب أن يكون مفتقرا إلى حقيقة مستغنية عنه كافتقار الممكنات إلى واجب الوجود.
والذي علم بصريح العقل أن ما كان واجب الوجود بذاته لا تكون حقيقته مفتقرة إلى حقيقة أخرى مباينة لذاته لأن ذلك يمنع أن يكون واجبا بذاته ولذلك انحصرت قسمة الموجود إلى واجب بذاته وممكن بذاته وكان الاعتراف بالموجود الواجب أمرا ضروريا لا يمكن دفعه وليس من الاعتراف به اعتراف بصانع العالم بل فرعون وأمثاله ممن ينكر الخالق تعالى لا يدفع وجود موجود واجب الوجود وإنما الشأن في تعيينه فقد يقربه ويزعم أنه العالم كما هو حقيقة قول هؤلاء.
ولهذا لما كان متكلمة الصفاتية أقرب إلى الحق الذي جاءت به الرسل كان الغالب على عباراتهم لفظ الصانع فإنه شبيه بلفظ الرب والخالق ونحو ذلك مما كثر لفظه في الكتاب والسنة ولما كان الأقرب إلى الحق بعدهم المعتزلة كان الغالب على كلامهم لفظ (قديم) فيقولون القديم والمحدث لأنهم أثبتوه بناء على حدوث الأجسام والمحدث لا بد له من محدث.
وأما هؤلاء المتفلسفة فلما كانوا أبعد عن طريقة الرسل كان الغالب على كلامهم واجب الوجود.
ولا ريب أن تقرير ذلك يسهل فإن الوجود أمر محسوس مشهود والموجود إما أن يكون من حيث ذاته قابلا للعدم وإما أن لا يكون.
فالثاني هو الواجب والأول إذا كان موجودا فقد يمكن الوجود والعدم وحينئذ فيمتنع أن يكون وجوده من ذاته فإنها لا تختص بوجود ولا عدم بل التحقيق أنه ليس له بدون وجوده ذات يحكم عليها إلا ما يقدر