السادس: أنه من الذي قال ما يوجد في قلوب بني آدم من العلم إنما هو من فيض العقل الفعال الذي تقوله الفلاسفة فإن دليل الفلاسفة على ذلك ضعيف بل باطل والكتب الإلهية لم تخبر بذلك بل الأخبار الإلهية تدل على تعدد ما يلقى في قلوب بني آدم وأنه ليس ملكا واحدا بل ملائكة كثيرون وقد وكلت بهم أيضا الشياطين فامتنع أن يكون في الوجود ما يلقى العلم في القلوب على ما ذكروه.
السابع: أن ما ذكره في حد القلم ليس مستقيما إذ لو صح لصح تسمية كل من علم العلم قلما وإن كان القلم لا يشترط في تسمية أن يكون من مادة مخصوصة فلا بد له من صورة من أي مادة كانت كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ﴾ وقال تعالى: ﴿إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ .
الثامن: قوله: "لكل شيء حد وحقيقة هي روحه" وهو إنما عنى به مثلا كونه كاتبا كما جعل حقيقة القلم وحده كونه ينقش العلم وجعل هذا الحد والحقيقة موجودة في العقل ومعلوم بطلان هذا بالاضطرار فإن حقيقة الجوهر الموجودة لا يكون مجرد كونه موصوفا بفعل منفصل عنه أو متصل به ولو قدر أن تلك الصفة توجد في حده لكانت فصلا تميزه عن غيره مع مشاركة غيره له في الجنس المشترك وذلك يمنع ثبوت الحقيقة لغيره أما أن يجعل هي الحد والحقيقة وحدها فهذا ظاهر البطلان.