بدور مضيئة
البدور المضيئة
ژانرونه
وما ذكر من الإشكال اللازم بالتسوية بين من أطاع الله مدة عمره ثم فعل كبيرة ثم تاب ومن عصى الله مدة عمره ثم تاب إشكال تهويل ، ومصادرة فيما قام عليه الدليل ، لأنا وإن قلنا بالتسوية لم يقدح ذلك في عدل الله وحكمته لأن المكلف المبطل لأعماله بالكبيرة من جهة نفسه أتي لا من جهة الله تعالى ، فأشبه من بنى بناء تاما في مدة مديدة ثم هدمه ، فإنه هو ومن لم يبن سواء ، ولا عتب له على أحد ، ولأنه يعارض ذلك بمثله ، فيقال: فما تقولون فيمن أطاع الله مدة عمره ثم كفر ثم تاب ، وبين من عصى الله مدة عمره بالكفر ثم تاب ؟، ولا قائل بلزوم التفرقة في عدل الله بينهما ، ومن نظر في قصة إبليس لعنه الله وقد أحبط عمله - وهو عبادة ستة آلاف سنة - بمجرد تكبره عن السجود لأدم حتى لعنه الله وأخبر أنه من أهل النار في تلك الحال علم أن الله عدل حكيم ، وأن إبليس أتي من جهة نفسه ، فإذا دلت الأدلة القاطعة على أن الله عدل حكيم ، ودلت الأدلة الآخرة على أن عمل صاحب الكبيرة قد صار هباء منثورا وجب الحكم بأن ذلك عدل وحكمة عرف وجههما أم لا ، وإلا لزم الاعتراض الذي أورده بعض العلماء فيما هو الوجه في تخليد الفاعل لكبيرة واحدة في العذاب المهين مع كونه فعلها في وقت يسير؟، وأجيب عنه من أوجه عديدة وأعظمها وأجمعها ما ذكرناه ، وهذا هو اختيار الإمام القاسم بن محمد عليه السلام وغيره من الأئمة المتقدمين والمتأخرين من الآل وغيرهم ، وأبي علي ومن معه ، وهو الذي نطقت به صرائح الآيات والأدلة، وإذ يلزم من القول بالموازنة استحقاق العقاب والثواب لشخص واحد في وقت واحد، وهو محال لأن أحكامهما متنافية، ولا حاجة لإيراد آيات([68]) الإحباط لأنها قد صارت معلومة عند الكافة.
مخ ۴۰