فإذا كان أدب كل أمة وهومجموع تأثيراتها القلبية وانفعالاتها الروحية وزبدة تمخضت عقول بلغائها كالرأس من بقية جسدها فالترجمة والنقل الصحيح من لغة أجنبية إليها عينا تلك الرأس .فالأديب في كل قوم وفي كل لسان لا يزال متمسكا بيد حديدية على جثة أدب قومه ولغته يسومها سوء العذاب ويسجنها في غيابات الجمود والتقليد الأعمى حتى إذا رن وراءه صوت فتاة اللغة الأجنبية الرخيم حركت ميت شعوره التفت إليها معجبا بتغريدها الشجي وجمالها الفتان أفلتت تلك المسكينة من بين يديه القاسيتين فركضت نحوروضة الحرية والتفنن واقتطفت ما لذ وطاب من أثمارها اليانعة وأزهارها الذكية وقفلت راجعة إليه(بحكم التنافس مع ضرتها الأجنبية الجديدة) تحمل روح الحياة وسر الجمال.فيحظى بفتاتين عوضا له عن جثة بالية.وهكذا أصبح سعيدا بعامل التجدد وفضل الأجنبية..
أنا لا أقصد بالترجمة الترجمة اللفظية والاختلاس والمسخ وقتل الأدب بسيف الأعجمية شر قتلة لا حياة بعدها وعدم المبالاة بتحطيم الأوضاع والقواعد الأساسية والبلاغة العربية والإمتيازات والفروق التي يبنى عليها أدب كل قوم والتي إن فقدت شوه وجهه الجميل وروحه الجذاب ولا أقول أن الأدب العربي ضيق يحتاج إلى توسيع أومعوز يفتقر إلى ثروة أجنبية أوخامل الذكر فلا بد له ممن يرفع صوته ليعرفه الناس ولكني أقول وأكرر بكل حرية ولا أفوه إلا بما أعتقد إنه مريض ومشرف على الهلاك إن لم يتداركه أبناؤه في عصر يخالف تمام المخالفة عصوره المتقدمة الغابرة فهومحتاج إلى دواء ناجع يوافق علته ومزاج طبيعته المنغمسة في حالة الجوالحاضر إذن إن حياة اليوم غير حياة الأمس وحياة الغد غير حياة اليوم.نعم يحتاج إلى نطاسي(؟؟) ماهر يعرف موضع الداء فيقاومه بالدواء الملائم له حتى يبله الله ويرجع إليه صحته الأولى في رونق جديد.
مخ ۳۲