د بطلیموس د دور پیل
بداءة عصر البطالمة: محاضرة ألقيت في المؤتمر الثامن للمجمع المصري للثقافة العلمية
ژانرونه
نعم، لقد اقتطع أطرافا من فنيقية (227)، وبلاد العرب، وسورية، وليبيا، وبلاد الأثيوبيين السود، يذعن لأوامره الفمفوليون (228) والقيليقيون (229)، وكذلك اللوقيون (230) والقاريون (231)، أهل الحرب المحبين له وأهل جزر قوقلادس، ذلك أن أساطيله أقوى الأساطيل التي تحملها الأمواج، على أن كل البحار والأراضي والأنهار الهادرة تعترف بأن بطلميوس ربها وسيدها.
أما النقش البابلي (232)، فينص على أن الجيش السلوقي، هزم جيش بطلميوس في سورية سنة 276، ولا يبعد أن يكون أنطيوخس قد استرد دمشق إذ ذاك من «ديون» (233)، قائد جيش «بطلميوس». ومن الظاهر أنه كان ثابت القدم، تام السلطان في فنيقية. وقد نصب عقيب مهلك الملك «أشموناصر» (234) الثاني قائده البحري «فيلوقلس» (235)، ملكا في صيدا، ويرجح أنه فنيقي انتحل الجنسية الإغريقية، كما يذهب «كليرمون جانو» (236). ولكن لا يبعد أن يكون «فيلوقلس» قد مات، قبل أن تنشب الحرب.
وكانت مدينة «صور» قد أخذت في الانتعاش، واستقبلت عهدا جديدا من الاستقلال السياسي في سنة 273-272، بعد أن قمئت وذلت، حتى صارت من ملحقات «صيدا» (237)؛ إثر ما نزل بها من الكوارث والأحداث الجسام في خلال ستين عاما متوالية. وهذا يدل على انقلاب في السياسة البطلمية إزاء فنيقية في أثناء الحرب السورية الأولى. أما «طرابلس» (238)، فقد ذكر أنها كانت خاضعة لبطلميوس في سنة 258-257ق.م.
على أننا نستخلص من إطراء الشاعر الإغريقي، أكثر مما نأخذ من الكهنة المصريين؛ فإن «ثيوقريطوس»، إذ يذكر أقواما يقطنون شواطئ آسيا الصغرى، وجزائر بحر «أيغا»، ويمضي على أنهم خاضعين لبطلميوس، إنما يثبت أن الأساطيل المصرية في الناحية البحرية من الحرب، قد نجحت في إرغام كثير من مدن الشواطئ في قليقيا (239) وفمفوليا (240) ولوقيا (241) وقاريا (242)، على الاعتراف بسيادة «بطلميوس». وكان لبطلميوس الثاني غزوات في البقاع التي تستطيع فيها القوات البطلمية، مستندة إلى البحر، أن تناجز جيوش «سلوقوس» الزاحفة من داخلية البلاد. ولم تكن سيادة «بطلميوس» على اتحاد جزء قوقلادس شيء جديد؛ ذلك بأنها ميراث ورثه «بطلميوس الثاني» عن أبيه. وليس ضم جزيرة «ساموس» (243) إلى ذلك الاتحاد في سنة 280، إلا دليلا جديدا على نماء قوة بطلميوس البحرية، وامتداد سلطانها. والظاهر أن «ميلطوس»، وكانت ما تزال ثغرا ذا قيمة من ثغور آسيا الصغرى قد خضعت لحكم «بطلميوس» قبل نشوب الحرب السورية الأولى؛ أي في سنة 279-278ق.م وفي محراب «ديدوما» (244) على مقربة من تلك المدينة تمثال لأخت بطلميوس «فيلوطرا» أقامه لها أهل المدينة. أما «هليكارناسس»، فكانت في سنة 258-257ق.م مستعمرة بطلمية.
وكانت سلطة «بطلميوس» في «إقريطش» (كريت) ثابتة الأركان، وصلاتها وثيقة بمدينة «إطانوس» (245)، على الأخص. وفي نقش أن «فطروقلوس» كان حاكما على الجزيرة، ولكن الراجح أن ذلك وقع فيما بعد، ومن طريق علاقته بالقيادة البحرية في الحرب «الخرمونيدية» (246) أو بعدها.
إن الاضطراب الذي أصاب مصر من جراء الحرب السورية زاده قيام ثورة في «برقة» تعقيدا وتهاوشا. فقد أعلن «ماغاس» (247) أخو بطلميوس من أمه استقلاله، وكان حاكما لذلك الإقليم منذ سنة 308، وزحف من هنالك ليغزو مصر (في صيف سنة 274)، ولكنه اضطر إلى النكوص؛ لأن بدو ليبيا، ويسمون «المرماريدا» (248)، هبوا من ورائه ثائرين. وطارت في مصر ثورة أذكى نارها أربعة آلاف من برابرة الغال المستوحشين، كانوا قد أجروا مرتزقين، فمنع ذلك على الجيش المصري أن ينتفع بتلك الفرصة السانحة. ولا بد من أن يكون الرعب قد خيم على الإسكندرية في خلال تلك الفترة، بدليل أن حصر الغاليين في جزيرة وسط النيل، وقطع الموارد عنهم؛ ليقضى عليهم فيها جوعا، عد انتصارا عظيما. أما الدور الذي مثله الملك المسالم البعيد عن الطبع الحربي، فما كنا لنعرف عنه شيئا لولا أن ذكر أحد شعراء البلاط - فيما بعد - أن ما عمل «بطلميوس» في هذه الثورة، كان المأثرة الفريدة التي تؤثر عنه في عالم الحرب. وظلت «برقة» منفصلة عن مصر فترة ما. وتزوج «ماغاس» من إحدى بنات «أنطيوخس الأول»، وكانت تدعى «أفاما »، على اسم جدتها الفارسية. وتبدل من لقب حاكم لقب «ملك»، وكان هذا بمثابة حلف ودي بين «ماغاس» والملك السلوقي، منابذا بطلميوس.
وفي سنة 272-271ق.م عقد «أنطيوخس» صلحا، جعل كفة مصر في الحرب راجحة؛ فإنه فضلا عن إخفاق جيوشه في ميدان الحرب، انتشر في بابلونيا - على ما يظهر - وباء الطاعون، فشغله ذلك كما هو محتمل عما عداه. •••
كانت «أرسنوية فيلادلفوس» قوة استرضاها في ذلك الوقت كثير من الرجال، ونشدوا أن يكونوا وإياها في سلام. ولم تحظ ملكة أخرى بعدد أكبر من العدد الذي أقيم لها من النصب التذكارية في العالم الإغريقي. فقد أقامت لها «أثينا» التماثيل، وأضفت عليها «ساموثراقية» التشاريف، وخصت بالتكريم في «بوطيا». وقد سميت إحدى مدنها باسم «أرسنوية»، عندما كانت ملكة «تراقيا» في شبابها. ونقع - خلال ذلك - على نقوش رصدت لتكريمها في دلوس وأمورغوس وثرا ولسبوس وقورينا وقبرص وأدرفوس، ومما لا شك فيه أننا سوف نقع على كثير غيرها. أما ما رصد عليها في مصر من التذكارات فكثير، وما هي غير الجزء الباقي من التشاريف التي أضفاها عليها زوجها الشقيق، وكان لها تمثال من مدينة «ثسافيا» بإغريقية، أقيم هيكله من فوق نعامة، وعلى الرغم من أنها لم تكن شريكة في الملك، كما كان كثير غيرها من الملكات، اللواتي أتين من بعدها، فقد شاركت الملك في كل ما خص به من الأسماء والتشاريف. ولاحظ «فلكن» «بولي-فسوفا» من النسخة التي نقلها «نافيل» من لوح «بيثوم» أن الكهنة المصريين، قد خصوها باسم ملكي؛ إضافة على الخرطوش المعتاد، وفي ذلك تشريف قلما خصت به الملكات. وثمة نقود لم يطبع عليها غير صورة وجهها فقط، بجانب النقود التي كان يطبع عليها وجه الملك. وقد اعتبر كلاهما من آلهة «دلفي» وألهت وأخوها، وتدرج الأمر من ذلك شيئا بعد شيء، حتى قرنتها المحاريب العظمى في طول مصر وعرضها بالآلهة الأقدمين. •••
في شهر يوليو من سنة 269 ماتت «أرسنوية». وينص نقش هيروغليفي كتب بأسلوب كهنوتي أنه في شهر «فاشون»، من السنة الخامسة عشرة من حكم بطلميوس ، «رفعت هذه الإلهة إلى السماء ولحقت برفيق رع.» وبدأ حكم «بطلميوس الثاني» عهدا جديدا؛ فإن الصكوك الرسمية قد تضمنت بعد سنتين ونصف من موت أرسنوية، اسم بطلميوس صغير، هو ابن بطلميوس الثاني، وقد أشرك مع أبيه في العرش. ولا شك في أن المؤرخ يقضي بديئة بأنه ابن بطلميوس من أرسنوية الأولى، وأنه بطلميوس «أورغيطس»، الذي خلفه في الملك، لولا أن الصكوك أخذت تظهر غفلا من اسمه، في فترة تقع بين شهر مايو ونوفمبر من سنة 258ق.م واستمرت كذلك. ولقد ظل المؤرخون تلقاء هذه المشكلة التاريخية في خلاف، وانتهوا في بحثها إلى ثلاثة فروض: (1)
أن الملك الصغير الذي أشرك في الملك كان ابنا غير معروف، أنجبه بطلميوس الثاني من أرسنوية فيلادلفوس، ومات سنة 258. وهذا الفرض يناقض ما ورد في الشرح المعلق به على «ثيوقريطوس»، وفيه أن «أرسنوية فيلادلفوس» ماتت من غير أن تعقب، وأنها تبنت أولاد «أرسنوية» الأولى. وما ورد في ذلك الشرح تؤيده الصكوك التي كتبت في عهد «بطلميوس الثالث»، وهو أنه كان من غير شك ابن «بطلميوس» من «أرسنوية» الأولى، إلا أنه ينعت دائما بأنه ابن «الأخ والأخت الإلهين». (2)
ناپیژندل شوی مخ