د بطلیموس د دور پیل
بداءة عصر البطالمة: محاضرة ألقيت في المؤتمر الثامن للمجمع المصري للثقافة العلمية
ژانرونه
وعبئ الجيش أول الأمر في «أنطيغونيا» في شمال سورية (وهي المدينة التي قامت مكانها أنطاكية) ثم تحرك إلى غزة (نوفمبر 306ق.م) على حدود الصحراء، ويقول «ديودورس»: إن عدد الجيش بلغ 80000 راجل و8000 راكب و83 فيلا هنديا، مصحوبا بأسطول مكون من 150 قطعة حربية، و100 نقالة، تحت إمرة «دمطريوس». على أن الثقة بما يرويه قدماء المؤرخين عن مثل هذه الأشياء قليلة، كما أبان «مهفي».
وفي غزة، وقبل أن يبدأ الجيش اجتياز الصحراء، وزعت على رجاله مؤن تكفي عشرة أيام، وأجرت فئة من البدو أدلاء على الطريق، على أن يحملوا معهم 130000 «مدمني» (94) أي «وزنا» من القمح والعلف للدواب. ولقد كان الأوفق، إذا نظرنا في الأمر من الوجهة الطبيعية الصرفة، أن يؤجل أنطيغونس هجومه على مصر إلى الصيف؛ فإن النيل يكون فائضا في الشتاء والملاحة البحرية صعبة المراس، إذ تعصف رياح شمالية غربية على الشاطئ.
19
ولكن حاجات المعركة العالمية التي كانت في أوجها، وضرورة القضاء على «بطلميوس» وهو ما يزال ضعيفا بعد خسائره في قبرص، عامة إذ حمل «أنطيغونس» على أن يعجل بمحاولته. ولم يكن الرشد في أن تؤجل المحاولة فقط، بل كان النهى والتوفيق في أن تنبذ بتة. فقد جرت الأمور كلها على الضد مما يشتهي، وفي طريق كله خطل؛ فإن أسطول «دمطريوس» لم يستطع أن يقاوم الرياح، وجنح كثير من سفنه على الشاطئ في «رافيا» (95)، وأصبح التعاون بين الأسطول والجيش، كما كان منتظرا من قبل، في حكم المستحيل عمليا.
لما وصلت القوات المتحدة إلى «فلوسيوم»
20 (96) ألفتها محصنة أتم تحصين، وأن مدخل النهر موصد بالسفن كل إيصاد. هذا إلى أن النهر تغشاه طرادات صغيرة، متأهبة لمقاومة كل محاولة يقصد بها عبوره. وقد أوحي إلى رجالها فوق ذلك أن ينشروا بين الغزاة وعودا برشاوى مغرية، ووظائف عالية، إذا هم تركوا «أنطيغونس» وانضموا إلى «بطلميوس». وبلغت هذه الرشاوى «منين» لكل جندي، «وطالنطن» لكل ضابط. فلاقى «أنطيغونس» صعابا في صد تيار الفرار من جيشه، وقضى على من يحاول الفرار بعذاب الموت، حتى استطاع أن يدفع عن نفسه خاتمة أشبه بخاتمة «فردقاس».
ولما آنس «دمطريوس» تعذر النزول إلى البر في «فلوسيوم»، أراد أن ينزل في مكان أبعد منها غربا، وعالج النزول عبر مصب النيل الكاذب (97)، وهو ما يعرف الآن ببحيرة «المنزلة» ترجيحا، ثم عدل عن ذلك إلى مصب دمياط؛ أي المصب الفطنيتي (98). ولقد صد في كلا الموضعين، ثم عاجلته عاصفة أخرى حطمت ثلاثا من أكبر سفائنه، ولم يتمكن من العودة إلى معسكر أبيه شرقي المصب «الفلوسيومي » (99) إلا بكل عناء.
ولم يبق أمام «أنطيغونس» من حيلة إلا أن يرتد عن حدود مصر بأقصى ما يستطيع من سرعة. ولقد وضح للعالم بذلك قدر «بطلميوس» وقته، برغم ما نزل به من الهزائم والخسائر المادية من قبل. وكان القدر يخبئ ل «أنطيغونس» كارثة أخرى؛ فإن «دمطريوس» كان قد هاجم «رودس» (100) في بداءة سنة 305ق.م، ولا شك في أن دولة «رودس» العظيمة، باعتبارها دولة بحرية تجارية انتعشت في جوها الحرية الجمهورية قرونا عديدة قبل عصر الإسكندر وبعده، كانت ذات علاقات وثيقة بسوق الإسكندرية، ومن هنا كان الرودسيون من أصدقاء «بطلميوس».
وبعد أن حاصر «دمطريوس» جزيرة «رودس» خمسة عشر شهرا (305-304) عجز عن أن يفتحها عنوة، وأذعن لصلح أساسه التفاهم. وكان الدفاع الموفق عن الجزيرة، راجعا إلى المؤن والمدد الحربي الذي تمكن «بطلميوس» أن يمد الجزيرة المحصورة بهما، حينا بعد حين. •••
في سنة 303-302ق.م تألف حلف جديد من قصندر ولوسيماخوس وبطلميوس وسلوقوس، ينابذ «أنطيغونس». وكان «سلوقوس» في فجاج الشرق يغزو أقاليم الإمبراطورية السحيقة حتى حدود الهند، ولكنه في شتاء 302-301ق.م زحف بجيشه ميمما نحو الغرب؛ ليزود أحلافه بعدد عظيم من فيلة الهند. ولقد مثل بطلميوس دورا كان فيه إلى الحذر أدنى منه إلى طلب المجد والعظمة؛ فإن كل نصيبه من معاونة الثلاثة انحصر في أن يحتل «سورية الخالية» للمرة الثالثة، بينما كانت قوات أحلافه الثلاثة، تحشد ضد «أنطيغونس» في آسيا الصغرى. وتواترت الأنباء بأن «أنطيغونس» انتصر انتصارا حاسما، وأنه زاحف على سورية، فانسحب بطلميوس بجيوشه، مرتدا من «سورية الخالية» للمرة الثالثة. ولكن الأنباء كانت كاذبة؛ فإن أحلافه الثلاثة هم الذين انتصروا في معركة فاصلة، دارت بالقرب من «إبسس» (101) في صيف سنة 301ق.م، وترك جثمان الشيخ «أنطيغونس» مجدلا في الميدان.
ناپیژندل شوی مخ