فابتسم حسين في ارتباك وتمتم: بالهنا والشفا لكم.
وضحك الرجل، ثم فتح علبة النرد، ولكنه بدلا من أن يشرع في إعداد القطع للعب سأله باهتمام: ألم تفاتحها بما «اتفقنا» عليه؟
فشعر حسين بحرج، ولكنه قال: كلا. - لمه؟ - إنها تعدني رجل بيتها، فكيف أفاتحها بهذا؟
فتناول الرجل زهر النرد في قبضته وهزه ورماه، ثم قال: أنت رجل خواف، كانت أمك خليقة بأن تفرح لهذا النبأ. - إنه خليق بالفرح إذا جاء في حينه.
فضحك الرجل ضحكة عالية ثم قال ببطء: لي فلسفتي الخاصة في الحياة؛ ألق بنفسك في عبابها ولا تخش شيئا، هل سمعت عن شخص واحد بمصر مات جوعا؟
فقال حسين مبتسما: أصل شعبنا اعتاد الجوع!
فضحك حسان أفندي واستطرد قائلا: كل الناس يعيشون، أغمض عينيك ثم افتحهما تجد الصغير كبيرا، والتلميذ موظفا، والأعزب متزوجا، ولا تجد خاسرا إلا من كان خوافا مثلك. هذه هي الحياة.
خواف ؟! وضايقته هذه الصفة، فثار عليها ثورة باطنية؛ ليس الخوف، ولكنه أدرك الموقف على حقيقته، أكان يكون شجاعا حقا لو تخلى عن المرأة وتركها تعود مهيضة الجناح خائبة الأمل؟! ليس الخوف، الرجل الأحمق يسيء فهمه، إنه مصاب في آماله ولا يجد من يرحمه ولا من يفهمه، وعندما بلغ هذه النقطة من أفكاره وجد رائحة غريبة مفاجئة، أجل، وجد سرورا في أن يكون على حق وإن أساء الناس فهمه، بل أكثر من هذا تركز السرور في أن يسيء الناس فهمه وهو على حق، سرور غامض كذلك السرور الذي يخامره وهو يستسلم لعنت القضاء، وقال مبتسما: أنت يا حسان أفندي من أسرة كبيرة، فلا يمكن أن تدرك متاعب أسرة كأسرتنا.
وندت عن الرجل ابتسامة خيلاء داراها بعبوسة مصطنعة وتمتم: عالج أمورك كما تشاء، ولكن لا تنس نفسك؛ قال تعالى:
ولا تنس نصيبك من الدنيا . وكل آت قريب، ما هي إلا أشهر معدودات ثم يحصل أخوك على البكالوريا فيتغير الموقف. ارم الزهر لنرى من يكون البادئ باللعب.
ناپیژندل شوی مخ