وتنهدت وهي تنظر في عينيه ثم قالت: لا يقلقني شيء في حياتي كما يقلقني مستقبل أختك نفسية، أود لو أغمض عيني ثم أفتحهما فأجدها في بيت زوجها، ولكن كيف؟! لسنا نملك لتجهيزها مليما، وأخوف ما أخاف أن أموت قبل أن أطمئن عليها، أنتم رجال، أما هي فمن الولايا اللاتي لا نصير لهن.
فصاح حسين مستنكرا: لن تكون بلا نصير ونحن على قيد الحياة.
فتنهدت مرة أخرى قائلة: مد الله في أعماركم، ولكن الفتاة لا تضمن سعادتها في بيت أخيها المتزوج!
ولاحت في عينيه نظرة ذات معنى، إنه يفهم ما يقال، إذا كانت الفتاة لا تضمن سعادتها في بيت أخيها المتزوج، وما دام حسنين في حكم المتزوجين، فلا يجوز له أن يتزوج! منطق معقول! ورحيم أيضا! بيد أنه ينطوي على حكم بالإعدام، ما عسى أن يقول؟ لم يعد يخاف أن تنهال عليه ضربا كما كانت تفعل أحيانا، ولكنه لن يتخذ من هذا الأمان مسوغا لإغضابها، وعلى العكس سيتخذ منها دافعا بريئا للمبالغة في إكرامها وقال بهدوء: اطمئني يا أماه! أرجو ألا تجد نفيسة نفسها يوما في هذا المأزق!
فهزت رأسها هزة كأنها تقول له لندع المداراة جانبا ولنتكاشف، ثم قالت: الحق لقد ألحت علي بعض الخواطر فلم أجد فرجة إلا في أن أسافر إليك، على مشقة السفر وكثرة النفقات.
فابتسم قائلا بلا وعي تقريبا: إذن لم تحضري كي تطمئني على صحتي!
وندم في اللحظة التالية على إفلات هذا القول منه، ولكنها ابتسمت إليه حزينة وقالت: أصغ إلي يا حسين، أترغب في أن تتزوج؟
فتظاهر بالانزعاج؛ ليخفي اضطرابه وقال: إني أعجب لما يدعوك إلى هذا الظن! - ليس أحب إلي من أن أراكم أزواجا سعداء، ولكن هل ترغب في أن تعجل بالزواج حتى قبل أن تنهض أسرتك من كبوتها؟ - لم أفكر في هذا مطلقا. - ألا يضايقك تطفلي هذا؟ - مطلقا! - وإذا اقترحت عليك أن تؤجل التفكير في الزواج، ألا تجد في اقتراحي ظلما؟ - هو عين العدل والرحمة.
فخفضت عينيها قائلة في حزن: ليس شقائي الحق فيما نزل بنا، ولكن فيما أراه واجبا مما يبدو لعين المتعجل قسوة وأنانية. - لست هذا المتعجل على أية حال!
فترددت لحظة ثم قالت: إن ما أراه من حسن تقبلك لكلامي يشجعني على أن أنصحك بأن تترك هذه الشقة، وتعود إلى حجرتك بالفندق.
ناپیژندل شوی مخ