لكن «كانتور»
34
قد انتهى بأبحاثه في الرياضة إلى أن الأعداد النهائية تختلف عن الأعداد اللانهائية في نقطتين:
فأولا:
لا تخضع الأعداد اللانهائية - كما تخضع الأعداد النهائية - لما يسمى بالاستقراء الرياضي الذي خلاصته أنه إذا كان «ن» عددا نهائيا، فالعدد الناتج من إضافة «1» إلى «ن» يكون نهائيا كذلك، ويكون مختلفا عن «ن»، وبهذا يمكن أن نبدأ بالصفر، ثم نكون سلسلة أعداد بإضافات متوالية، في كل خطوة منها نضيف «أ»، بحيث يستحيل أن يشترك عددان مختلفان من أعداد السلسلة في تال واحد؛ فلكل عدد تاليه الذي يتكون بإضافة «أ»، والذي يختلف عنه، أما الأعداد اللانهائية فليست كذلك، فالعدد اللانهائي لا يتغير بإضافة «أ» إليه، ولا تتكون من الأعداد اللانهائية سلسلة بمثل هذه الإضافات المتوالية.
وثانيا:
أن العدد اللانهائي - على خلاف في ذلك مع العدد النهائي - يساوي جزءه، فالكل والجزء في هذه الحالة يكونان مؤلفين من حدود عددها في الكل مساو لعددها في الجزء.
وها هنا سينفر الفلاسفة منا؛ لأنهم سيرون في هذا القول تناقضا لا يشكون فيه، إذ عندهم أن الجزء لا بد حتما أن يكون أصغر من الكل الذي يحتويه، «لكن الفيلسوف الذي يقول هذا لو تفضل علينا بمحاولة البرهنة على وجود التناقض المزعوم، لرأى لنفسه أن مثل هذه البرهنة مستحيلة، إلا إذا سبقها تسليم بالاستقراء الرياضي ... وإذن فهو مضطر أن يقول إن إنكارنا للاستقراء الرياضي أمر ينقض نفسه بنفسه، غير أن هذا الفيلسوف لم يفكر في الأمر إلا قليلا، أو قل إنه لم يفكر فيه إطلاقا، ويجمل به أن يدرس الموضوع قبل أن يصدر فيه حكما؛ لأنه سيعلم أن الاستقراء الرياضي يمكن إنكاره بغير الوقوع في تناقض، وهكذا ستزول إلى الأبد تلك المتناقضات التي يظنها ملازمة لمشكلة اللانهائي.»
35
ونعيد هذا القول في عبارة أيسر فهما، فنقول إن مشكلة اللانهائي قد نشأت عند الفلاسفة؛ لأنهم ظنوا أن ما ينطبق على الأعداد النهائية لا بد كذلك أن ينطبق على الأعداد اللانهائية، كأنما يتحتم أن تكون الأعداد كلها من صنف واحد، وكأنما يستحيل أن يكون بينها اختلاف يجيز لنا أن نقول في بعضها ما لا نقوله في بعضها الآخر.
ناپیژندل شوی مخ