Benefits from the Farewell Sermon
فوائد من خطبة الوداع
ژانرونه
وجوب عودة أبناء الأمة الإسلامية إلى الله لتحقيق التمكين
ولذا لابد لهذه الأمة أن تعود إلى الله ﷿، وأن تدافع عن هذه الدماء، وأن تحمي هذه الشريعة، وأن تطبق حدود الله، وأن تحكم بشرع الله، بل لا عز لها ولا تمكين حتى تتكون هذه الأمة تكوينًا صحيحًا كما كون النبي ﵊ أمة الإسلام الأولى، فقد ظل ﵊ سنين طويلة يربي أصحابه على العقيدة الصحيحة؛ إذ لا عزة لهذه الأمة إلا بعقيدة سلفها رضي الله تعالى عنهم.
وعند ذلك فإن النصر آت لا محالة، وسيظهر دين الله لا محالة، ولذلك لما تلت عائشة ﵂ قول الله ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة:٣٣]، قال النبي ﵊: (لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى.
قالت عائشة: يا رسول الله! لما تلوت هذه الآية ظننت أن الأمر قد تم.
فقال النبي ﵊: سيكون من ذلك ما شاء الله أن يكون).
وقال النبي ﵊ فيما أخرجه مسلم من حديث شداد بن أوس: (إن الله زوى لي الأرض) أي: جمعها وضمها، (فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها).
وفي مسند أحمد وسنن الدارمي أن النبي ﷺ قال: (لا تقوم الساعة -وفي رواية: لا ينقضي الليل والنهار- حتى يظهر الله تعالى هذا الدين ويدخله في كل بيت مدر ووبر) يعني: في بيوت الحضر والبدو، لابد أن يسمع بهذا الدين كل أحد.
قال ﵊: (حتى يدخل هذا الدين في كل بيت مدر ووبر بعز عزيز أو بذل ذليل، عزًا يعز الله تعالى به الإسلام وذلًا يذل الله تعالى به الكفر).
هذا الدين لابد أن يظهر، ولا يظهر جزافًا ولا فجأة، بل لابد من العمل لإظهار هذا الدين، ولذلك بشارة عظيمة جدًا قالها النبي ﵊: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله تعالى إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون فيكم خلافة راشدة على منهاج النبوة، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم إذا أراد الله أن يرفعها رفعها، ثم يكون ملك عاض، فيكون فيكم ما شاء الله أن يكون، ثم إذا شاء أن يرفعه رفعه، ثم يكون ملك جبري) وهذا هو الذي تمر به الأمة اليوم، إذ يتجبر الطغاة ويتسلطون على هذه الأمة، ثم قال: (ثم يكون ملك جبري فيكون فيكم ما شاء الله أن يكون، ثم إذا شاء الله أن يرفعه رفعه، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)، ثم سكت النبي ﵊.
فهذا دليل على أن خلافة النبوة قادمة لا محالة، لكن لابد من العمل لها، ولابد من تهيئة الظروف والمناخ لهذه الخلافة الراشدة، ولا نركن لظهور المهدي أو ظهور الخليفة الراشد، وإنما لابد من العمل لهذه الخلافة الراشدة، بالدعوة إلى الله ﷿، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحياء فريضة الجهاد، ودحر العدو في بيته، والنبي ﵊ يقول: (ونصرت بالرعب مسيرة شهر)، فيسمع العدو بجيش المسلمين على مسافة شهر كامل فينهزم نفسيًا، وأعظم الهزائم الهزيمة النفسية، فإذا انهزم الإنسان في نفسه فلابد أن ينهزم ماديًا، مهما بلغت قوته.
وقال الله ﷿: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال:٦٠]، فهذه رهبة للعدو، ونكر الله ﷿ (القوة) في سياق الأمر ليفيد العموم والشمول، فلابد من إعداد العدة حتى نبلغ أوج الدرجات وأعلى المراتب، قوة في السلاح وفي العدة والعتاد، قوة علمية وثقافية، قوة في التقدم، قوة في صناعة الطائرات والدبابات، قوة في شتى المجالات والميادين؛ إذ إن العدو لا يندحر إلا بذلك، مع الأخذ بالأسباب، والأخذ بالأسباب سنة من سنن الله الكونية، ولذلك أعظم الناس وأكرم الناس على الله هو نبينا ﷺ، وكان بإمكانه أن يدعو وهو في بيته فينصره الله ﷿، لكنه ﷺ علم السنن الكونية الربانية في الخلق، وأنه لابد من اتخاذ الأسباب، فكان يجهز الجيوش، ويحثهم على العبادة والطاعة، ثم ينطلق بهم وهو في أولهم لمقاتلة العدو، فإذا ما نزل بهم البأس، وحشرجت الصدور، وبلغت القلوب الحناجر، توجه النبي ﵊ إلى ربه رافعًا يديه إلى السماء، فيدعو الله تعالى أن يغيثه بجند من السماء، كما حصل في غزوة بدر، فقد سقط رداء النبي من عاتقه، فأخذه أبو بكر الصديق ﵁ فوضعه على عاتقه، وقال: يا رسول الله! والله لا يخزيك الله أبدًا، والله إن الله سينجز لك ما وعدك ﴿إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد:٧]، فإذا تحقق الشرط تحقق المشروط
1 / 4