فتمتم بفتور: أنا هجرت المسرح منذ أكثر من عشرين سنة! - ولو! هذا رأي الأستاذ سمير عبد العليم أيضا، وعلى فكرة قابلته قبل مجيئي إلى القهوة مباشرة وكان يسأل عنك، والظاهر أنه اتصل بك في المنزل، حينما كنت في المستشفى. - ماذا يريد؟ .. ألم يقل لك؟ - أبدا، مطالبه لا تنتهي كما تعلم، ولكنه ظريف وابن حلال.
استقل سيارته إلى مجلة «كلام الناس»؛ حيث وجد صديقه الناقد سمير عبد العليم يكاد أن يختفي وراء الأوراق المكدسة فوق مكتبه. تعانقا وسمير يقول: بحثت عنك في كل مكان، أين كنت؟
فجلس وهو يقول مرحبا بالفرصة التي واتته لإعلان أحزانه: كنت في المستشفى، راضية في حالة ولادة.
هنأه بصوت خطابي، وهو ينكب على الأوراق باحثا عن شيء هام فيما بدا، فقال صقر: ولادة خطيرة يخشى ألا تتم إلا بجراحة.
والظاهر أن سمير لم يسمعه لشدة انهماكه في البحث، غير أنه قال بمرح: نحن نطالب بولي عهد للمسرح الكوميدي!
فرفع صقر صوته قائلا: ولادة خطيرة يخشى ألا تتم بلا بجراحة.
انتبه سمير إليه وقد كف عن البحث لحظة، فأعاد صقر على مسمعه أقوال الطبيب، فقال الناقد: ربنا يكتب لها السلامة، الطب تقدم، وانقضى عهد الجراحات الخطيرة.
ثم انهمك في البحث مرة أخرى، وهو يقول: أنا نفسي جئت إلى هذه الدنيا بجراحة، وفي زمان كان الطب فيه كالطب عند قدماء المصريين، يا سلام على الفنانين وأعصابهم المرهفة.
وندت عنه آهة ارتياح لعثوره على الأوراق التي كان يجد في البحث عنها، وأخذ يرتبها بعناية، وهو يقول بنبرة جديدة دلت على أنه نسي الحديث الأول تماما: اتفقت مع صوت العرب على برنامج جديد أسبوعي باسم «أهل الفن» واخترت أن أبدأ بك. - لكن يقولون إن جراحة الولادة خطيرة يا سمير؟ - لا شيء خطير ألبتة، وستضحك غدا من قلقك هذا بملء فيك، المهم أن هذا البرنامج يقتضي تسجيل مناظر من مسرحياتك القديمة، الأفلام أمرها سهل ويمكن تسجيلها في أي وقت أو طبع نسخ جديدة من الفصول التي يتفق عليها، ولكن المسرحيات كيف نسجلها، كيف نجمع الممثلين القدامى؟ ومن يحل محل الذي مات منهم؟ .. هذه المشكلات ومثيلاتها تشغلني طيلة الوقت.
أوشك أن يغضب، ولكنه استسخف نفسه، فانزوى في وحدة حالكة.
ناپیژندل شوی مخ