د افریقا شیر او ایټالوی ببر ترمنځ: د ایټالوی حبشي ستونزې په اړه یو تاریخي، رواني او ټولنیز تحلیلي څیړنه
بين الأسد الأفريقي والنمر الإيطالي: بحث تحليلي تاريخي ونفساني واجتماعي في المشكلة الحبشية الإيطالية
ژانرونه
1
وقد حبتها الطبيعة بمنابع أربعة من أكبر أنهار الأرض وأغزرها ماء وأجلبها للخير، أعظمها نهر النيل ذي الوادي الخصيب الذي نعمره ونمرح في خيراته، ونفاخر به.
وفي موضع القلب من هذه القارة تقع إثيوبيا أو الحبشة، وما الحبشة سوى هضبة جبلية شامخة الارتفاع تنحدر كالدرج نحو سهول السودان وبحر القلزم، ومن صميم فؤادها ينبع النيل الأزرق، وعلى سفوح جبالها تنمو أشجار الفواكه الجميلة، وشجيرات البن الخضراء، وجوف أرضها حاشد بالمعادن النافعة، وأهلها قوم ذوو بأس شديد يميلون للحرب، ويبذلون أرواحهم في سبيل الدفاع عن وطنهم، وقد حافظوا على حريتهم واستقلالهم منذ نشأتهم إلى يومنا هذا، ولم يناصبهم العداء في العصر الجديد سوى المصريين والطليان، فهزموا وانسحبوا.
كانت قارة أفريقية على الخارطة منذ مائة سنة بقعة سوداء تحفها حاشية بيضاء قليلة العرض مع قربها من أوروبا، ووقوع ساحلها الشمالي موازيا لساحل أوروبا الجنوبي على مسافة ألف ميل، وذلك لأن رداءة إقليمها جعلت إسبانيا وفرنسا والبرتوغال يشحن بأوجههن عنها، ويتزاحمن على الاستعمار في أطراف أميركا والهند السحيقة، وإنما قصدن إلى أفريقية للاتجار بالرقيق فيها.
أما الآن فقد أصبح معظم القارة معروفا بفضل أهل السياحة من قدماء المصريين والعرب والإفرنج الذين جاسوها طولا وعرضا؛ فأناروا ظلماتها، ولم يبق مظلما فيها سوى بقع صغيرة متفرقة لا بد أن تكشف قريبا.
ومما يزيدنا ألما وأسفا وحسرة على قارتنا أن دول أوروبا ضمت كل شبر منها إلى أملاكهن بالطرق السياسية، وبذل الأموال والهدايا لحكام البلاد وزعمائها، والخونة من أهاليها، والالتجاء إلى بعض الحيل التي أملاها دهاء رواد الاستعمار، وانطلت على أذهان البسطاء. وقد سميت وسائل الاغتصاب التي انطوت عليها مكايد هؤلاء المغيرين طرقا سلمية؛ لأنها لم تكلف المغيرين لا معارك ولا مواقع، ما عدا المغرب الأقصى والحبشة، على حين أن استعمار أمريكا والهند كلفهن ألوف الرجال، وبدرات الأموال.
2
وقد شرع المصريون الأقدمون في الأسفار من عهد الدولة السادسة لكشف أفريقيا، وكان أمراء جزيرة الفنتين يتعدون الحدود الجنوبية، ومهدوا الطريق بين أصوان ورأس بناس (على البحر الأحمر )، وكانت السفن المصرية تمخر البحر الأحمر حينئذ، وكانوا يسمون سكان البلاد إلى جنوبي أسوان باسم «الرماة»، والذين إلى جنوبهم باسم المتلعثمين أو الأعاجم؛ لأنهم لم يكونوا يتكلمون اللغة المصرية، وقالوا: إن وراء أرض المتلعثمين الأرض المباركة التي تفيض الخيرات، ووراءها البحر الجنوبي الذي يجري منه النيل، وتطفو عليه الجزر. وانتهت الرحلات المصرية القديمة في سبيل اكتشاف أفريقيا في أيام الدولة السادسة، ومنها سياحة أردودو، وسياحة خركوف، وحدثت كل هذه الأمور منذ أكثر من خمسة آلاف سنة، حينما كان أهالي أوروبا يأوون إلى الكهوف والبحيرات، ويسترون أبدانهم بجلود الثعالب والأنعام.
وذكر بلينيوس المؤرخ الروماني سنة 70 للمسيح أن التبابعة، ملوك اليمن، عرفوا جميع ممالك أفريقية الشرقية وجزرها، وكان لهم عليها شيء من السلطة، وكانوا يتجرون مع أهلها بالأفاويه والطيوب.
ولما ظهر الإسلام رحل كثيرون من العرب في القرنين الأولين للهجرة إلى سواحل أفريقية الشرقية والشمالية؛ فملكوا تونس وطرابلس الغرب، واجتاز كثيرون منهم صحاري القيروان، وليبيا، وتوغلوا في داخلية البلاد، وبعضهم ذهبوا إلى السودان من طريق مصر وقنا، وكانت القصير مرفأ لمراكبهم يجتازون منها مضيق باب المندب في البحر الأحمر، ويرتادون السواحل الشرقية حتى وصل بعضهم في بدء تاريخ الهجرة إلى سواحل جزيرة مدغشقر جنوبا، وأسسوا في شمالها مملكة عربية لم تزل آثارها وقلاعها وبقايا شعوبها موجودة حتى الآن.
ناپیژندل شوی مخ