دین او علم ترمنځ: د منځنیو پېړیو په دوران کې دوی ترمنځ د تضاد تاریخ په تړاو ستورپوهنې او جغرافیې علومو او نسل کېدنې
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
ژانرونه
خذ بين يديك قطعة من المادة اللينة واضغطها فإنها تأخذ شكلا ما، ثم اضغطها ثانية فإنها تتبدل من شكلها الأول شكلا آخر. وهكذا فإن كل ضغطة تصورها في صورة جديدة. وتمثل بعد هذا أن المجتمع الإنساني فيه من صفات الليونة ما في هذه المادة، وأنه فقد كل صفات الجمود والمحافظة على القديم، ألست ترى أن ذلك يكون منتجا لفوضى عظيمة في نظام الأشياء الإنسانية، وأن تقبل كل جديد ليهدم ما قبله وليهدمه ما بعده؛ يكون في هذه الحالة إفسادا لبناء المجتمع وتحطيما للمعاهد التي تقوم عليها المدنية؟
عدد من مذاهب الفلسفة العلمية ما شئت أن تعدد، وارجع إلى مذهب سقراط ثم الكلبيين ثم السيرينين، ثم إلى مذهب الأبيقوريين ثم إلى الرواقيين، واعدل عن هذا إلى تضارب جهات الفكر المعتقد، وتصور بعد هذا أن المجتمع الإنساني كان فيه من الصفات ما تحتمل تقبل كل هذا، ثم رفضه على تتالي الأجيال وعلى تقارب الفترات التي كانت تظهر فيها المذاهب والآراء الفلسفية واحدا تلو الآخر، فهل كنت تجد في بناء المجتمع ما تجد فيه الآن من الثبات؟ وهل كنت تجد أن للحق ما له الآن من صفات البقاء والخلود؟
وكذلك تجد الحال في السياسة والدين واللغة وفي كل ما تقوم عليه الحضارة من الصفات الاجتماعية. وعلى هذا تجد أن التقدم والارتقاء قوة إيجابية تعضدها - وإن كانت تقاومها - قوة سلبية هي الجمود والمحافظة على القديم، كما لو كان المجتمع الإنساني دقيقة من المادة تجذب جواهرها بعضها بعضا في حين أنها تتدافع. وهذا لزام لبقائها دقيقة مادية خالدة كما أن الارتقاء والجمود صفتان لازمتان لبقاء المجتمع الإنساني مجتمعا مستكملا لصفات النشوء والارتقاء.
لهذا لا يجب أن ننظر إلى الجامدين نظرة من يعتقد أنهم رجعيون؛ لأن الرجعي هو الذي ينكص إلى الخطأ على الرغم من أنه يعلم أنه سائر في سبيل الحق والصواب. أما الجامدون فهم القوة السلبية التي تحفظ على الجماعات نصيبها من التوازن اللازم لثباتها، وخطوها نحو الارتقاء في خطا متعادلة بطيئة، ولكنها تدريجية. (3) ما فوق العقل والعقل
بدأ الفيلسوف هربرت سبنسر كتابه مبادئ علم النظام الاجتماعي ببحث في تطور ما بعد الآليات، فقال بأن التطور على ثلاثة أوضاع؛ الأول: التطور غير العضوي، وهو يتناول بناء السماوات والسيار الأرضي. والثاني: التطور العضوي، وهو يتناول الظاهرات الطبيعية التي نشاهدها حشو الطبيعة الحية وتراكيبها من نبات وحيوان على اختلاف درجاتها ومراتبها، ثم الظاهرات الخاصة التي تعرف في مباحث العلوم بالظاهرات النفسية - البسيكولوجيا - وهي التي تختص بها الصور الحية التي بلغت من الترقي حدا أصبح بطبيعة التطور مجالا لتلك الظاهرات. والثالث: تطور ما بعد الآليات أو ما بعد العضويات وهو في الواقع بلوغ الحالة الاجتماعية واقتسام العمل بين أفراد الجماعة.
فإذا أردنا أن ننظر في هذا المبدأ نظرة تحليل نطبقها على موضوعنا هذا؛ اعتقدنا أن تطور ما بعد الآليات هو آخر الخطى النشوئية التي وصلت إليها جماعات الحيوان من الرقي. ولقد شاركها الإنسان في كل هذا وبلغ إلى أرقى ما يمكن أن يبلغ حيوان من تطور ما بعد الآليات، فبماذا يمتاز على بقية الخلق؟ يمتاز بأنه يستمد مما بعد عقليته قوة يستعين بها على قوته العاقلة ليخضعها دائما لصالح الكل الاجتماعي.
إن الفرد والجماعة لا يتفقان، بل هما كائنان متضادان. ولكل منهما طبيعة تختلف عن طبيعة الآخر. يدلك على هذا أن العديد الأكبر من الأفراد التي تعيش في زمان ما، لا تعير تطور الجماعة التي تلحق بها شيئا من الانتباه لمظاهرها ولا تحاول أن تصرفها إلى طريق الخير والسلام.
فالفرد يتطور بتطور الجماعة؛ خضوعا لروحها، من غير أن يدرك من هذا التطور - حين وقوعه - شيئا. والجماعة ذاتها تساق إلى التطور من غير أن تحس بشيء منه، حتى يظهر الزمان فرقا بين حالة الجماعة في زمانين مختلفين تدركه الأجيال المستقبلة.
وخضوع الفرد لشعور الجماعة يبعده عن عقليته المستقلة. فيجرفه تيار الشعور العام إلى حيث يراد به، إلى الخطأ أو إلى الصواب، إلى الشر أو إلى الخير، حسب المتجه الذي يملك شعور الكل الاجتماعي. والشجار القائم بين شعور الجماعة وعقلية الأفراد كون التاريخ الإنساني برمته. فما من حادث من حوادث الحروب، أو مظهر من مظاهر الثورات الاجتماعية، أو قيام المدنيات المختلفة، إلا وتجد تلك الروح متجلية فيه تسوق أمامها الإنسانية سوقا إلى حيث يريد بها ما أثر فيها شعور بكارثة قومية أو إحساس بعزة النفس أو خيال الدفاع عن شيء أكثر ما كان موهوما لا واقعا بالفعل.
ولكن بأي شيء استطاع الإنسان أن يحتفظ بخضوع عقلية الفرد لشعور الجماعة؟ هنالك في معتقداته الدينية وجد الإنسان القوة التي استقوى بها على عقليته الفردية فأخضعها لقوة إحساسه بالشريعة الأدبية. أما وظيفة تلك المعتقدات فتجهيزها الفردية بقوة نفسية تسوقه إلى الخضوع لمجموعة من آداب السلوك ومبادئ من الأخلاق تبقي عقليته واقعة تحت الإحساس بواجباته الأدبية؛ أي إنها تخضع العقلية الإنسانية لقوة مستمدة مما بعد العقلية. وتلك ظاهرة لازمت قيام المدنيات في كل عصر من عصور التاريخ.
ناپیژندل شوی مخ