دین او علم ترمنځ: د منځنیو پېړیو په دوران کې دوی ترمنځ د تضاد تاریخ په تړاو ستورپوهنې او جغرافیې علومو او نسل کېدنې
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
ژانرونه
ذلك الباحث الإنجليزي الذي لن نؤمن بأن من الباحثين في هذا الموضوع من يبزه سعة اطلاع أو رصانة حكم، فقد أعلن معتقده في أن النظرية الكلدانية البابلية كانت بلا أقل شك النبع الأوحد الذي استقيت منه مقومات نظرية أخرى أخذ بها الفيلسوف الأيوني «أناكسمندر» ونماها، ودافع عنها، وأن فلاسفة اليونان القدماء قد استمدوا هذه النظرية عن البابليين من طريق أهل فينيقية. وكذلك قضى بأن هذا النبع عينه كان مستقى نقلت زبدته في الروايات التي قصت في كتبنا المقدسة. وبهذا الاعتقاد يؤمن كل علماء الآثار الآشورية من أهل النصرانية.
والحقيقة أن تلك الروايات التي تقص في كتبنا المقدسة تناقض إحداها الأخرى؛ ففي ذلك الجزء من الرواية الأولى - أو الرواية الألوهية
25
التي نعثر بها في الإصحاح الأول من سفر التكوين - نجد أن «المياه» أخرجت الأسماك والحيوانات البحرية والطيور (تكوين 1 : 20). غير أننا في الجزء الثاني المعروف باسم «الرواية اليهووية»
26
والتي نعثر عليها في الإصحاح الثاني من سفر التكوين، نجد أن حيوانات اليابسة والطيور قد خلقت لا من «الماء» بل من الأرض (تكوين 2 : 19).
إن المهارة الجدلية التي اتصف بها آباء الكنيسة قد استطاعت أن تستقوي على هذا التناقض فتؤوله تفسيرا. غير أن تيار الفكر القديم - على الرغم من هذا، وقد عضدته هاتان الأسطورتان - قد خدرهم فتنقل منسابا في طيات العقول، عقول أقدر من أبرزت الكنيسة من رجالها خلال القرون، ودمغ الفكرة اللاهوتية بدامغ واضح الأثر، ظل ظاهرا في جبينها طوال دهور؛ إذ وجهها إلى القول بنظرية ما في نشوء الكائنات.
بل كان هنالك نبع آخر فاض بالفكرات النشوئية. فإن المفكرين من أهل المدنيات الأولى، تلك المدنيات التي اهتزت وربت على ضفاف الأنهار في مناطق الأرض المعتدلة، قد لاحظوا كيف أن «الإله الشمس» عندما كان يطلع على الأرض في قوته وجبروته، قد استطاع أن يولد من الأرض صور الحياة الدنيا. ففي مصر على الأخص قد رأى الناس كيف أن طمي النيل - تحت تأثير تلك العناية القدسية - قد أنشأ من «الدواب» الصغيرة ما لا عداد له. ومن هنا نشأ المعتقد القديم في أن الحيوانات ومعه الإنسان قد خلقت «في البدء» من المادة الميتة بأمر العناية الإلهية، تلك الفكرة التي حلت محلها فكرة أن بعضا من الحيوانات الصغيرة - وعلى الأخص الحشرات - قد نشأت فيما بعد بتطور آخر؛ حيث استمدت على حسب النموذج الخلقي الأولي من منابع متفرقة، ولكن على الأخص من مادة في حالة الانحلال.
وهذا المعتقد القديم على ما كان به من مظاهر التخلخل، قد ساعد على تفريخ جرثومة في التطور أرقى من الجرثومة الأولى، أسلم بها إلى اليونانيين القدماء. فالفلاسفة أمثال أنكسيمندر وإمبيذقليس وأناكساغوراس، وعلى رأس الجميع أرسطوطاليس - كما رأينا من قبل - قد عمدوا إلى تنمية هذه الجراثيم القديمة، وقد شقوا الطريق إلى الحقائق حادسين تلك الحقائق التي أيدتها من بعد المشاهدات. ولقد وصل أرسطوطاليس - بالمشاهدة حينا والتأمل حينا آخر - إلى نتائج لو أن حرية الفكر اليونانية قد استمرت كما كانت؛ إذن لوصلت الإنسانية منذ زمان بعيد إلى ما وصلت إليه الآن من حقائق علم البيولوجيا. فإنه قد وصل إلى أعماق من الفكرة العلمية أدت به إلى القول بنشوء العضويات العليا تدرجا من تصور دنيا، وقال بذلك الفرض المنتج، فرض أن في الطبيعة «مبدأ يسوقها إلى الكمال».
فلما أربت فكرات اللاهوت النصراني، صد الميل الذي كان يحفز الباحثين إلى الوصول إلى نظريات نشوئية أكثر صدقا، عن الاستمرار في طريقه المرسوم. غير أن الفكرة القديمة الناقصة في التطور قد ظلت ثابتة. ومثالا على ذلك نرجع إلى فكرة القديس «باسيل» الكبير الذي عاش في القرن الرابع الميلادي. فإنه لما أراد أن يناقش روايات أعمال الخلق قد أعلن بأمر من الله «قد خصت المياه بقوة إنتاجية، وأنه من الطمي والطين اللازب نشأت الضفادع والهوام والبعوض؟»
ناپیژندل شوی مخ