دین او علم ترمنځ: د منځنیو پېړیو په دوران کې دوی ترمنځ د تضاد تاریخ په تړاو ستورپوهنې او جغرافیې علومو او نسل کېدنې
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
ژانرونه
هنا نجد أن العلماء قد انقسموا قسمين؛ الأول: يتكون من تلك الطوائف التي وقفت نفسها متوافرة على درس العلوم الطبيعية، وعملت متضافرة في سبيل تلك الحقيقة العظمى، حقيقة أن الكون على الصورة التي نراه عليها الآن، ليس إلا نتيجة لأسلوب من النشوء؛ أي أثرا لفعل النواميس الطبيعية التدريجي في الحالات التي اختصت بها كتلة من المادة الأولية. والثاني: يتكون من طوائف خطيرة من العلماء أكبوا على العلوم التاريخية واللغوية والأرخيولوجية ليستخلصوا منها براهين تثبت بالواقع المحسوس أن كل الأقاصيص المقدسة التي رويت في أصل الكون كانت نتيجة تحول تحريفي استمد من فوضى الآراء العقيمة الساذجة التي ذاعت خلال العصور الأولى.
أما جموع اللاهوتيين الذين قاوموا نتائج العلم عصورا طوالا فقد ادعوا بأنهم إنما جاهدوا وصارعوا في سبيل أن ينصروا «حقائق الكتب المقدسة»، حتى لقد كان جوابهم الأخير الذي أجابوا به على ما أظهر العلم من نتائج أولية بسيطة في حقيقة نشوء الكون المادي قد انطوى على قولهم: «إن الإنجيل حق وصدق»، وإنهم لصادقون، ولو أن صدقهم هذا لدى الواقع أنبل وأقوم مما خيل إليهم أنه صدق حقا؛ فإن العلم في حملته التي هزم بها اللاهوتيين، قد وقع في كتبنا المقدسة على حقيقة أنبل وأروع، بل أعظم وأمتع من لزوم الظواهر التاريخية والتفسيرات الحرفية التي عكف عليها اللاهوتيون وجاهدوا في سبيلها طويلا، وكلما تقدمنا في بحث النتائج التي ترتبت على الصراع الذي وقع في هذا الميدان، زدنا يقينا بصحة تلك النتيجة التي تلقي في روعنا دائما بأن القيمة الحقيقية في كتبنا المقدسة، تلك القيمة التي لا يمكن أن يقدرها عقل أو يزنها خيال، وإنما تنحصر في أنها عرفتنا الطريق التي يجب أن يجاهد فيها النوع الإنساني ليصل إلى تصوات ومعتقدات، وأن يتشبث بآمال أرقى مما بين يديه وأهدى، سواء أفي الآداب أم الدين، فإذا حللنا طبيعة تلك الجهود واستعرضنا صورها على تتالي الأجيال والعصور، بان لنا ما في كل كتاب من الكتب المقدسة من القيمة، واتضح لنا أنه ثمين غال، وأن كلا منها حق وصدق على اعتبار ما. على أن الحقيقة التي لا يجب أن نغفل عنها هي أنه ليس واحد من هذه الكتب فيه ما يتفق، وتلك الأوليات الصحيحة التي وصل إليها النوع الإنساني في العلم والتاريخ، كما أنه من أكبر العبث أن تحاول أن تصل إلى التوفق بين الطرفين؛ فإن أقل ما في أمثال هذه المحاولة من حمق، تعرض من يشرئب إليها، ونفس الكتب المقدسة التي يفرغ هذا الجهد في سبيلها، إلى أخطار هوجاء، أقلها أن يزول أثرها المنشود من صدور الناس.
أما ما رمت إليه الكتب المقدسة التي ظهرت في هذا العالم، وكتبنا على الأخص، فهو السير بأرقى التصورات والمعتقدات والآمال التي اختص بها النوع الإنساني في طريق تدرجي من النشوء ينتزعها من غرارتها الأولى وطفولتها خلال تلك المزالق الكبرى والانقلابات الخطيرة التي تقع عليها في تاريخ الإنسان، وعلى الرغم من أننا نعتقد بأنها في غالب أمرها ذات قيمة كبرى على اعتبار أنها مدونات كبرى لحقائق التاريخ المعروفة، وعلى الرغم من أن الأبحاث الحديثة قد زادت لدينا من قيمتها على هذا الاعتبار، فإننا إنما نذهب في تقديسها خطوة أخرى إذا عرفنا بأن قيمتها العظمى لا تنحصر في أنها مدونات تاريخية وثقى لا غير، بل مرآة تنعكس عليها صور النشوء والتطور التي أصابت قلب الإنسان وعقله وروحه، إننا نعتبر أنها حق وصدق؛ لأنها نشأت على مقتضى القوانين التي احتكمت في تطور الحق في تاريخ الإنسان، ولأنها كيفما ظهرت وعلى أية صورة برزت، فكانت شعرا أو ذكرا للحوادث التاريخية أو تقنينا أو تشريعا أو أساطير أو خرافات أو مضربا للأمثال أو قصصا، قد أبانت لنا عن أنبل ما صادف الإنسانية من صور النشوء خلال الأزمان، فإذا ادعى إنسان بأنها غير صحيحة كان مثله كمثل من يدعي أن وجود زهرة أو شجرة أو سيار من السيارات أمر غير حقيقي، وأنك إذا استهزأت بهم فإنك إنما تستهزئ لدى الواقع بناموس الكون العظيم، فإن استجماع صور جميلة من تصورات الرجال الذين وقعوا تحت تأثير موحيات عريقة في القدم، سواء أكانوا في مصر أو الكلدان أو الهند أو فارس، على الصورة التي تراها في سفر التكوين أو المزامير أو سفر أيوب أو غير ذلك، لعمل خدم به جامعو الكتب المقدسة الحديثة الإنسانية أكبر خدمة؛ إذ زودوها بكنز يزداد قيمة على مر العصور، كما أن العلم الحديث باستبداله السماوات والأرض القديمتين بسماوات جديدة وأرض جديدة، وحكم القانون بحكم الإرادة القاسرة، وفكرة النشوء بفكرة الخلق، قد أضاف - ولا يزال يضيف - صورا من وحي جديد تمدنا بها العناية القدسية.
في ظلال هذا الضوء الذي انبعث من هذين النشوءين؛ الأول نشوء الكون المادي، والثاني نشوء خرافة مقدسة في الخلق، يمكن للعلم واللاهوت - إذا خصت عقول أهلهما معا بقدر كاف من السعة والعبقرية - أن يوفق بينهما، وأن تهدأ ثورتهما إزاء بعض. فإن خطوة من أكبر الخطا التي سوف تحدث هذا التوفيق قد خطاها أكبر معهد للفكرة اللاهوتية في العالم الإنجليزي؛ إذ اعترف في مجموعة المقالات المسماة «لوكس ماندي»
Lux Mundi
والتي خرجت من بين جدران أكبر معقل للأورثوذكسية في جامعة أكسفورد. بأن الأقاصيص التي رويت في الخلق إنما استمدت من نبع خرافي؛ لهذا تساءل رئيس أساقفة كنتر بري: «ألا يتفق أن يكون الروح القدس قد استخدم - في أزمنة ما - الخرافات والأساطير؟» (2) التعاليم اللاهوتية في أصل الحيوانات والإنسان
في إحدى نوافذ كاتدرائية «أولم»
Ulm
نقش على الزجاج يرجع تاريخه إلى القرون الوسطى، يمثل فيه الواحد القهار منهمكا في خلق الحويانات، وفي تلك الفترة بالذات خرج من بين يدي العناية القدسية «فيل» كامل الأوصاف، وهو مثقل بالدروع وعليه سرج وغطاء كأنه على أتم الأهبة للقتال. ولقد وردت أمثال من هذه التصورات في مخطوطات علمية، وفي الكتب المطبوعة القديمة، وتجمعت كل هذه التصورات والآراء في نواة واحدة، ظهر فيها العزيز القدير مجدا في تصوير أول إنسان من «صلصال كالفخار»، منتزعا من جنبه - بكل مشقة وقوة - أول امرأة ظهرت في الوجود.
على أن هذه النظرة العامة في أسلوب الخلق قد انحدرت إلينا في خلال الأزمان القديمة، حيث كانت ظهرت لابسة صورا شتى من آراء كونية عتيقة مختلفة الصور والألوان. فأنت ترى حتى اليوم في المعابد المصرية القديمة بفيلة ودندرة أمثال تريك كيف يجبل آلهة النيل كتلا من الصلصال فتخرج من بين أيديهم رجالا، وكذلك تقع في الألواح الآشورية على مثل هذا العمل منسوبا إلى آلهة بابل. حتى إذا انحدرت بك السنون إلى عصرنا هذا وقلبت الكتب المقدسة ألفيت أن هذه الآراء والتصورات بعينها قد اتخذت قاعدة لتطور جديد أسبغت ذيوله على اللاهوت الحديث.
ناپیژندل شوی مخ