وصمتت قليلا قبل أن تجيب. وجدت صمتها يقلقني وكأني كنت أسألها عن حبها لي. وبقلق أعظم مضيت أترقب إجابتها. قالت: حتى لو قلت لك إني أحبها أكثر من اليونان فلا تصدقني. - ولكنك ولدت فيها وقضيت عمرك كله هنا. - ولو! اسمع، إني مستعدة أن أموت من أجلكم، ولكن كل عائلة تغادر بلادها وتهاجر تصبح كالمركب الذي يرفع علم بلاده دائما وفي أي مكان. وأنا ولدت من عائلة يونانية، أي عشت طوال عمري على أرض بلادي، ولكن صدقني حين أقول لك إني على استعداد لأن أفعل أي شيء - حتى الموت نفسه - من أجلكم.
وجدتها قد بدأت تنفعل فقلت وأنا أضحك وأنهي الموقف: على العموم يكفينا منك هذا.
وخفضت رأسها في شرود.
وكنت من لحظة أن جاءت أقول لنفسي: هه، الآن.
ثم أعدل في اللحظة التالية.
ووجدت جسدي يقشعر فجأة، واعتقدت أن اللحظة قد حانت فقلت لها: فلنسمع رحمانينوف.
ومضت مستسلمة إلى «البيك آب»، وفتحته وانحنت تضع الأسطوانة، فقمت من جلستي خلف المكتب، وفي خطوات متعثرة مترددة وصلت إلى «البيك آب»، وفي تلك اللحظة كانت قد أغلقته وارتكزت عليه، وتصاعدت أنغام البيانو تعلن بداية الكونشرتو الثاني.
قلت لها: سانتي.
فنظرت إلي باستغراب قليل وقالت في ابتسامة مذهولة أو ذهول مبتسم: ما الأمر يا يحيى ؟ آه، ما الأمر ؟
وارتجفت يدي وأنا أحملها فوق طاقتها لترتفع ثم تستقر فوق كتفها، وظلت ترتجف حتى بعد أن استقرت فوق الكتف النحيف. لم أكن قد رتبت لهذه اللحظة ما أقوله، كنت قد تركت كل شيء للظروف والصدفة، ولهذا قلت بعد تردد: ما رأيك؟
ناپیژندل شوی مخ