بیان صریح
البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح
ژانرونه
وأما إن أخبر عن نفس الفعل من دون نظر إلى علم أو غيره فهذا هو الذي يقف كونه صدقا أو كذبا على الوفاء والخلف أي هما كاشفان عن ذلك، إذ الحلف يكشف عن عدم مطابقة الخبر، وحينئذ نقول يؤمر بترك الظلم ولا يحسن منه فعله، والخبر الأول إن كان لا عن عزمه أو ظنه أو اعتقاده فهو كاذب؛ لأنه إن كان عن علم ولا غيره فلعدم مطابقته ولم يكن في إقدامه على فعل ما أوعده ولا تركه صدق ولا كذب، بل كشف عن صدق الخبر أوكذبه؛ لأنه أخبر عما في نفس الأمر، فهو حيث طابق صدق وحيث خالف كذب، ونظيره قول القائل ...... جبريل في السماء السابعة لا عن ظن ولا اعتقاد، فإنا لا نحكم عليه بصدق ولا كذب حتى ينكشف لنا ما كان عليه جبريل في تلك الحال، فإن وافق فصدق، وإن خالف فكذب، فهذا هو الخبر الموقوف، والوعد والوعيد إذا صدر من أحدنا لا عن ظن ولا اعتقاد ولا عزم فهو من هذا القبيل، أعنى من الخبر الموقوف صدقه وكذبه على الإنكشاف، لكنه يقبح الإقدام لا بكونه كذبا فحيث يكون الكاشف حسنا يؤمر به الفاعل، وإن كشف عن كون الخبر السابق كذبا، ولا يلزم كونه قبيحا إذ لم يكن وقوع الكذب لأجل وقوعه......كشف وقوعه عن كون ذلك الخبر غير مطابق [...بياض...] الشيء حسن سواء كشف عن حسن أو قبيح، وتحق............أن المخبر على هذا أخبر عما عنده فهو كالمخبر عن.....................تلك الحال، إما صادق أو كاذب، لكنا..................عليه، ودلالته على الكذب لايقتضي كونه قبيحا؛ إذ ليس بكذب ولا مستلزم لوقوع الكذب، بل للعلم بالكذب، وما استلزم العلم بالكذب لم يقبح لأجل ذلك، بل حكمه في الحسن والقبح راجع إلى نفسه لا إلى ما يكشف عنه، وهذا واضح لمن تأمله بعين المعقول، ثم قال: الخلف يعني في الوعيد ليس بقبيح لأجل كونه خلفا وإنما يقبح لوجه يقع عليه ويقارنه، وقد يجب، وقد يحسن بحسن ما يقترن به من الوجوه.
مثال القبيح: أن تعد بأنه يقضي زيدا دينه فلايقضيه فيقبح لكونه إخلالا بواجب لأجل كونه كشف عن كون ذلك الوعد خلفا أي كذبا.
ومثال الواجب: أنه يعد أنه لا يعطي زيدا وديعته غدا فيخلف بأن يعطيه في الغد، فهذا الخلف واجب وإن انكشف كون الوعد كذبا.
ومثال الحسن: أن يعد بأنه لا يطالب غريمه بالدين غدا، ثم إنه خلف وطالبه في الغد، فإن ذلك حسن أعني المطالبة بحقه إذ لا وجه لقبحه ولا وجوبه، وإن كشف عن كذب الوعد، وهذا بيان حكمه كما ترى على التفصيل.
واعلم أنا لا نقطع بأنه كاشف عن كذب الوعد إخبارا مجزوما لا إذا فهم من الوعد أنه يخبر عن عزمه أو ظنه أو اعتقاده؛ لأنه حينئذ صادق في خبره، كما لو صرح بذكر العزم وقال: أنا عازم على كذا أوظان أني سأفعل أو معتقد أني سأفعل كذا، لكن الوعد إنما هو الإخبار عن إيصال نفع في المستقبل أودفع مضرة، أو العزم على ذلك.
مخ ۸۸