باتل فاتح ابراهیم
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
ژانرونه
أما محمد علي، فقد كان يقضي عليه بقبول ما ارتأته فرنسا وترك سوريا: (1) خروج حليفه هناك الأمير بشير من الميدان وظهور الأمير بشير قاسم الذي ولته الدول بمظهر العداء. (2) حرمان جيشه من السواحل كلها حتى تعذرت المواصلات مع ابنه إبراهيم. (3) قلة الأموال حتى تأخرت رواتب الجنود أكثر من سنة ولم يجد في فرنسا من يمد إليه يد المساعدة. (4) تعب الجيش والأمة من حروب لا تنتهي منذ ثماني سنين. (5) اعتبار الدول الأربع - المتحالفة مع تركيا خامستهم - أن كرامتها جميعا معلقة على تنفيذ الإنذار الذي أوحته إلى السلطان.
فهذه العوامل كلها حملت الإنكليز وحلفاءهم على أن يرحبوا فرحين باتفاق 27 نوفمبر؛ أي اتفاق نابيير، ومحمد علي، بأن محمد علي يرضى بأن يخرج من المعمعة مكتفيا بحكم مصر في سلالته بعده. وحملت محمد علي على أن يرضى بذلك الحل الذي كان يرفضه ويأباه.
ولكن اتفاق نابيير ومحمد علي كان غامضا مبهما، وخلاصته «أن الدول الأربع المتحالفة تبذل كل مجهودها لدى السلطان ليمنح محمد علي وذريته بعده حكم مصر بالوراثة، وأن محمد علي يبادر بطلب العفو من السلطان، ويعلن استعداده لإرجاع الأسطول العثماني وسحب جنوده من سوريا والبلاد العربية، وأنه يفوض مستقبله للمراحم السلطانية.»
وقد عرفنا أن السلطان استصدر فتوى العلماء بخلع محمد علي من الحكم في 15 أكتوبر، وأعلن تعيين عزت محمد باشا خلفا له في حكم مصر وسوريا، وذلك بموافقة الحلفاء بعد انقضاء مهلة العشرين يوما التي أعطيت له.
فإصرار محمد علي «على أن لا يعيد بغير السيف ما أخذه بالسيف»، هو الإعلان الذي انتصر وفاز؛ لأنه ألغى وأبطل الحكم الذي صدر بخلعه وعزله، كما أن موافقة الحكومة الإنكليزية على اتفاق نابيير قضى على عناد سفيرها في الآستانة اللورد بونسوبي الذي حاول مرارا وتكرارا إنكار ذلك الاتفاق، وحمل السلطان على رفضه جريا على سياسة بالمرستون وزير الخارجية.
ولما وافق محمد علي على اتفاق نابيير، نشر في البلاد منشورا عاما وجهه إلى الحكام والعلماء والذوات، قال فيه:
إنه حضر إلى ميناء الإسكندرية جناب الأميرال نابيير قائد السفن الحربية الإنكليزية بالبحر الأبيض، وعرض لنا اتفاق دول أوروبا بإجابة طلبة مصر لنا بطريق التوارث، وبذلك صار حسم مادة سفك دماء المسلمين، وصدر الأمر للسر عسكر وكافة القواد بترك الشام والإذن بحضورهم لمصر بالجيوش التي يبلغ عددها 70 ألفا.
ثم أذيع في الأمة منشور آخر عمومي، هذا نصه:
إن العوارض تعرض للعالم منذ بدء الخليقة إلى اليوم، والحروب تتقد بين الأمم لأسباب وعوامل لا تدركها العقول، دون أن يظهر من وراء ذلك أمارات السلم والسلام واستتباب الراحة. وظل روح العدوان ساريا حتى الآن، ولكنه حضر إلى ميناء الإسكندرية قائد السفن الحربية الإنكليزية بالبحر الأبيض الأميرال نابيير، وعرض علينا وقوع الاتفاق بين دول أوروبا على إحالة حكم مصر بطريق التوارث إلى ولي النعم محمد علي باشا، وبذلك صار حسم مادة سفك دماء المسلمين الأمر الذي ترتاح إليه النفوس. وبناء على ما تقدم أعطيت الأوامر لدولة سر عسكر الجيش المصري ولكافة القواد بترك ولاية الشام وأدنه والرجوع بالجيوش إلى مصر، وصار نشر ذلك إعلانا للسرور.
وأصدر محمد علي بعد ذلك أمرا بإعداد منزل لنزول الأميرال نابييه، وأن يكون في ضيافته مع تعيين مهمندار له.
ناپیژندل شوی مخ