يَخْتَصِمُونَ [آل عمران: ٤٤].
ما أعظمها من منّة يمتنّ الله ﷿ بها على نبيّه ﷺ! وما أعظمها من معجزة خرقت جميع قوانين الخلق في التّعلّم والتّلقّي! يبلغ ﷺ الأربعين من عمره وهو بين قومه، يعرفونه بالأمّيّة، لا يقرأ ولا يكتب، ولم يعرفوه بمجالسة معلّم، ثمّ يظهر للنّاس بما لا طاقة لهم بمثله.
وحين افتروا فقالوا: إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ، قال الله ﷿:
لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ [النّحل: ١٠٣].
ويستمرّ التّحدّي، فيجعل الله ﷿ من الواقع المشاهد دليلا على صدق ما جاء به نبيّه ﷺ: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ٤٦ [الحج: ٤٢ - ٤٦].
وثالثها: الإخبار عمّا يكون في مستقبل الزّمان، كالإخبار عن الشّيء قبل وقوعه في عهد النّبيّ ﷺ، أو عمّا سيكون بعد ذلك.
كما في قوله ﷿: الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ