ذكروا المعاهد والعهود فما انطوى
في نشرهم نقض ولا إبرام
وتواجدوا في الذكر وهي طريقة
لحقيقة فيها الهيام مقام
واستقبلوا وجه الصباح بأعين
سهرت دجاه والأنام نيام
وسرت بهم أرواحهم نحو الحمى
فسعت على آثارها الأجسام
وقد عجب الفلاحون من رؤية «ڤكتور» على هذه الحال في تلك الساعة؛ لأنهم لم يروه من قبلها بكرة في البساتين، والبسطاء من الناس لا يعقلون كيف تحول أحوال النفوس.
ولما أتت الساعة الثانية انطلق «ڤكتور» نحو عين التلاقي، وكان وهو بلباس الصيد البهي أحسن منه بثوب الزيارة، فرأى المركيزة جالسة في مكانها بالأمس، وقد أعمدت رأسها بيديها فعل المتفكر المتأمل، فتلقته بالإقبال وحسن الاشتمال، ولكن كان في نفسها شيء من الاضطراب وعلى وجهها علائم الاكتئاب، ولما جلس قالت له بعد التحية المعتادة: فكرت أمس في أمر العين، فرأيت أن أبقيها على ما هي عليه الآن، فإن هذه الرسوم والآثار ملائمة لموقعها الطبيعي، وأخاف أن يضيع حسنها بالإصلاح، فدارت بينهما المذاكرة على هذا الموضوع، فأظهر «ڤكتور» كل ما لديه من العلم وكل ما فيه من الذكاء، وأوضح رأيه في الأمر بأفصح لسان وأعذب بيان، حتى مالت «أليس» بكليتها إليه، فتقاربت منهما الروحان وتناسب القلبان، بما بينهما من صلة الشباب، ورابطة الجمال، وما في ذلك المكان من مظاهر الحسن وتجليات الأنس، فما افترقا إلا وفي قلب كل منهما حب عظيم ووجد مقيم يشعران به ولا يبوحان، وقد اتحدت نفساهما حبا، فكانا على حد ما قيل:
ناپیژندل شوی مخ