بريقه محموديه
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
خپرندوی
مطبعة الحلبي
شمېره چاپونه
بدون طبعة
د چاپ کال
١٣٤٨هـ
فَمِنْ جُمْلَةِ عِلْمِهِ اسْتِحْقَاقُ آدَمَ بِالْخِلَافَةِ.
وَمِنْ جُمْلَةِ حِكْمَتِهِ جَعْلُ آدَمَ خَلِيفَةً وَتَعْلِيمُهُ مَا هُوَ قَابِلٌ اسْتِعْدَادَهُ لِجَمِيعِ الْعُلُومِ كَمَا عَرَفْت ﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ﴾ [البقرة: ٣٣] أَعْلِمْهُمْ وَأَخْبِرْهُمْ ﴿بِأَسْمَائِهِمْ﴾ [البقرة: ٣٣] الَّتِي عَجَزُوا عَنْ عِلْمِهَا وَاعْتَرَفُوا بِتَقَاصُرِهِمْ عَنْ بُلُوغِ مَرْتَبَتِهَا ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾ [البقرة: ٣٣] فِي إيثَارِ الْفَاءِ إيذَانٌ بِمُسَارَعَةِ الْإِخْبَارِ، وَالْإِظْهَارِ مَوْضِعَ الْإِضْمَارِ لِكَمَالِ الْعِنَايَةِ بِشَأْنِ الْأَسْمَاءِ وَلِإِيذَانِ كَوْنِ خَبَرِ آدَمَ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٣٣] تَقْرِيرٌ لِمَا مَرَّ مِنْ الْجَوَابِ الْإِجْمَالِيِّ وَاسْتِحْضَارٌ لَهُ ﴿إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [البقرة: ٣٣] .
قَالَ أَبُو السُّعُودِ كَأَنَّهُ قِيلَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إنِّي أَعْلَمُ فِيهِ مِنْ دَوَاعِي الْخِلَافَةِ مَا لَا تَعْلَمُونَ مِنْهَا وَهُوَ الَّذِي عَايَنْتُمُوهُ ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾ [البقرة: ٣٣] مِنْ قَوْلِكُمْ ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ [البقرة: ٣٠] ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ٣٣] مِنْ كَتْمِ إبْلِيسَ الْكُفْرَ وَقِيلَ الْكَتْمُ قَوْلُهُمْ لَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ خَلْقًا أَفْضَلَ مِنَّا أَوْ كَتْمِ إبْلِيسُ التَّكَبُّرَ فَمِنْ قَبِيلِ بَنُو فُلَانٍ قَتَلُوا، وَالْقَاتِلُ وَاحِدٌ.
قَالَ أَبُو السُّعُودِ قَالُوا فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى شَرَفِ الْإِنْسَانِ وَمَزِيَّةِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَأَنَّهُ مَنَاطُ الْخِلَافَةِ وَأَنَّ إطْلَاقَ التَّعْلِيمِ جَائِزٌ دُونَ الْمُعَلِّمِ وَأَنَّ اللُّغَاتِ تَوْقِيفِيَّةٌ، وَأَنَّ عُلُومَ الْمَلَائِكَةِ وَكَمَا لَاتَهُمُّ تَقْبَلُ الزِّيَادَةَ خِلَافًا لِلْحُكَمَاءِ وَأَنَّ آدَمَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ بِالْعِلْمِ وَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي.
وَالثَّانِيَةُ مِنْ الْبَقَرَةِ أَيْضًا ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ﴾ [البقرة: ٢٦٩] تَحْقِيقُ الْعِلْمِ وَإِتْقَانِ الْعَمَلِ كَمَا فِي الْبَيْضَاوِيِّ الْعِلْمُ النَّافِعُ الْمُؤَدِّي إلَى الْعَمَلِ كَمَا فِي الْجَلَالَيْنِ لَا يَخْفَى عَدَمُ التَّقْرِيبِ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَكِنْ عَنْ مُجَاهِدٍ هِيَ الْقُرْآنُ، وَالْعِلْمُ، وَالْفِقْهُ.
وَعَنْ النَّخَعِيِّ مَعْرِفَةُ مَعَانِي الْأَشْيَاءِ وَفَهْمُهَا.
وَعَنْ الضَّحَّاكِ الْقُرْآنُ وَفَهْمُهُ وَكَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَكَذَا عَنْ الْمُفَسِّرِينَ.
وَعَنْ الْخَازِنِ حَاصِلُ الْأَقْوَالِ الْعِلْمُ، وَالْإِصَابَةُ فِيهِ لَعَلَّ الْإِصَابَةَ فِيهِ هُوَ الْعَمَلُ وَقِيلَ الْعِلْمُ اللَّدُنِّي وَقِيلَ إشْهَادُ الْحَقِّ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَقِيلَ تَجْرِيدُ السِّرِّ لِوُرُودِ الْإِلْهَامِ وَقِيلَ النُّورُ الْمُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِلْهَامِ، وَالْوَسْوَاسِ وَقِيلَ النُّبُوَّةُ، وَقِيلَ الْخَشْيَةُ وَقِيلَ الْوَرَعُ وَقِيلَ وَقِيلَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ مَعَ الِاحْتِمَالِ كَمَا مَرَّ عَنْ التَّلْوِيحِ وَلَوْ سُلِّمَ فَالدَّلَالَةُ عَلَى فَضْلِ الْعِلْمِ بِنَفْسِهِ، وَالْمَطْلُوبُ فَضْلُهُ عَلَى الْعَمَلِ ﴿فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩] يَتَزَايَدُ وَلَا يَنْقُصُ.
وَالثَّالِثَةُ فِي آلِ عِمْرَانَ ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ﴾ [آل عمران: ٧] الْمُتَشَابِهِ ﴿إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: ٧] الَّذِينَ تَمَكَّنُوا وَثَبَتُوا فِي الْعِلْمِ.
وَعَنْ مَالِكٍ الْعَالِمُ الْعَامِلُ بِمَا عَلِمَ الْمُتَّبِعُ لَهُ وَقِيلَ الرَّاسِخُ بِأَرْبَعَةٍ التَّقْوَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّوَاضُعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْقِ، وَالزُّهْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدُّنْيَا، وَالْمُجَاهَدَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ لَعَلَّ دَلَالَتَهَا عَلَى فَضْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْوَقْفِ أَوْ لَا يَعْنِي عَلَى كِلَا الْمَذْهَبَيْنِ وَإِنْ كَانَ عَلَى عَدَمِ الْوَقْفِ أَبْلَغُ وَكَانَ الْوَقْفُ لِلْأَكْثَرِ إذْ الْمُقَامُ مَدْحُهُمْ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مَدْحُهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّائِغِينَ فَلَا يَقْتَضِي الْفَضْلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ نَعَمْ قَدْ يُفْهَمُ الْإِطْلَاقُ مِنْ قَوْلِهِ فِي آخَرِ الْآيَةِ - ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ٢٦٩]- عَنْ الْخَازِنِ ثَنَاءٌ مِنْ اللَّهِ لِقَائِلِي ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران: ٧] .
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: مَدْحٌ لِلرَّاسِخِينَ بِجَوْدَةِ الذِّهْنِ، وَحُسْنِ النَّظَرِ إلَى آخِرِهِ فَالْأُولَى إتْمَامُ الْآيَةِ.
وَالرَّابِعَةُ فِي آلِ عِمْرَانَ أَيْضًا
1 / 277