بريقه محموديه
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
خپرندوی
مطبعة الحلبي
شمېره چاپونه
بدون طبعة
د چاپ کال
١٣٤٨هـ
نَهَى عَنْ الرَّقْيِ وَكَانَ عِنْدَ آلِ» أَهْلِ «عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رُقْيَةً يَرْقُونَ بِهَا مِنْ الْعَقْرَبِ فَأَتَوْا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَرَضُوا عَلَيْهِ وَقَالُوا إنَّك نَهَيْت عَنْ الرَّقْيِ فَقَالَ مَا أَرَى بِهِ» الْآنَ «بَأْسًا مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ»
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّهْيَ) فِي السَّابِقِ (عَنْ) الرَّقْيِ (الَّذِي يَرَى) يَعْتَقِدُ (الْعَافِيَةَ فِي الدَّوَاءِ) بِتَأْثِيرِهِ (مِنْ نَفْسِهِ) نَفْسِ الدَّوَاءِ دُونَ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَأَمَّا إذَا عَرَفَ أَنَّ الْعَافِيَةَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَالدَّوَاءُ سَبَبٌ لَا بَأْسَ بِهِ) .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ نُهِيَ عَنْ الرُّقَى، وَالتَّمَائِمِ، وَالتُّوَلَةِ الرَّقْيُ الْمَنْهِيُّ مَا يُزْعَمُ مِنْ تَسْخِيرِ الْجِنِّ وَمَا يَرْكَنُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَذِكْرِ الشَّيَاطِينِ، وَالِاسْتِعَانَةِ مِنْهُمْ، وَالتَّعَوُّذِ مِنْ مَرَدَتِهِمْ. وَأَمَّا الرُّقْيَةُ بِالْقُرْآنِ وَبِالْأَسْمَاءِ فَجَائِزَةٌ قَدْ مَرَّ غَيْرُ مَرَّةٍ.
قَالَ ابْنُ التِّينِ: هَذَا الرَّقْيُ هُوَ الطِّبُّ الرُّوحَانِيُّ أَنَّ عَلَى لِسَانِ الْأَبْرَارِ حَصَلَ الشِّفَاءُ فَلَمَّا عَزَّ ذَلِكَ فَزِعَ النَّاسُ إلَى الطِّبِّ الْجُسْمَانِيِّ انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَالَ الْمُحَشِّي الرَّقْي جَائِزٌ إنْ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا كَالْإِقْسَامِ بِغَيْرِهِ تَعَالَى، وَالْأَلْفَاظِ الْغَيْرِ الْمَفْهُومَةِ الْمَعَانِي مِثْلُ: آهَيَّا وشراهيا. أَقُولُ إنْ أَخَذَ مِثْلَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ كَالْغَزَالِيِّ وَبَعْضِ ثِقَاتِ الصُّوفِيَّةِ. فَالظَّاهِرُ لَا مَنْعَ حِينَئِذٍ عَلَى حَمْلِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى مَعْنَاهُ كَمَا قِيلَ مَعْنَى آهيا وشراهيا يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ كَمَا يُقَالُ مَعْنَى جَبْرَائِيلَ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ الْأَمْرُ النَّبَوِيُّ آنِفًا مِنْ قَوْلِهِ فَلْيَفْعَلْ فِي جَوَابِ الرَّقْيِ لَا أَقَلَّ مِنْ النَّدْبِ وَقَدْ اُخْتُصَّ بِالطِّبِّ سَابِقًا وَأَيْضًا.
قَالَ فِي الشِّرْعَةِ وَمِنْ السُّنَنِ أَنْ يُسْتَشْفَى بِالذِّكْرِ، وَالدُّعَاءِ، وَالْقُرْآنِ، وَالْفَاتِحَةِ، وَقَدْ كَثُرَتْ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ فِي هَذَا الْبَابِ.
فَحَاصِلُ الْإِشْكَالِ إنْ أُرِيدَ مِنْ الرَّقْيِ مَا اُعْتُقِدَ تَأْثِيرُهُ مِنْ غَيْرِهِ تَعَالَى أَوْ مَا لَا يُعْلَمُ مَعْنَاهُ فَحَرَامٌ وَإِلَّا فَنَدْبٌ أَوْ سُنَّةٌ وَقَدْ نَفَيْتُمْ ذَلِكَ. وَنُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّ الرُّقَى فِي حَدِيثِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ مَا هِيَ مِنْ كَلَامِ الْكُفَّارِ، وَالْمَجْهُولَةِ الْمَعْنَى.
وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْآيَاتِ وَمَفْهُومَةُ الْمَعَانِي فَسُنَّةٌ وَنَقَلَ الْبَعْضُ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ الرَّقْيِ بِهَا. وَعَنْ الْمَازِرِيِّ جَمِيعُ الرُّقَى جَائِزٌ فِيمَا ذُكِرَ. وَأَمَّا رُقَى أَهْلِ الْكِتَابِ فَجَوَّزَهَا أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُنَاوِيِّ عَنْ الْمُوَطَّإِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِلْيَهُودِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَرْقِي عَائِشَةَ ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَكَرِهَهَا مَالِكٌ لِعَدَمِ الْأَمْنِ بَقِيَ أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى النَّسْخِ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.
وَأَمَّا عِنْدَ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ كَمَا ذُكِرَ فَلَا قَالَ فِي الْإِتْقَانِ إنَّمَا يَرْجِعُ مِنْ النَّسْخِ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ عَنْ الرَّسُولِ ﵊ أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ ثُمَّ قَالَ وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَى قَوْلِ عَوَامِّ الْمُفَسِّرِينَ بَلْ وَلَا اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِينَ
1 / 272