152

بريقه محموديه

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

خپرندوی

مطبعة الحلبي

د ایډیشن شمېره

بدون طبعة

د چاپ کال

١٣٤٨هـ

ژانرونه

ادب
تصوف
جَائِرٍ لَيْسَتْ بِمُضِرَّةٍ (فَاقْتِصَارُهُ ﵊ عَلَى بَعْضِ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ) فِي التَّقْيِيدِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاقْتِصَادَ إنَّمَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْعِبَادَةِ الْبَاطِنِيَّةِ فَلَا يَغِيبُ عَنْهَا وَلَا يَنْفَكُّ بِحَالٍ أَصْلًا (لِكَوْنِهَا أَفْضَلَ) فِي التَّفْرِيعِ خَفَاءٌ سِيَّمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ (وَلِأُمَّتِهِ) إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ تَشْدِيدَ الْعِبَادَاتِ لَمَّا كَانَ لِاسْتِحْصَالِ تَوَجُّهِ الْقَلْبِ عِنْدَ الْخُلْطَةِ وَكَانَ ذَلِكَ حَاصِلًا بِدُونِ التَّشْدِيدِ لَهُ ﵊ فَاقْتِصَارُهُ إلَى آخِرِهِ لَا يَخْفَى مَعَ بُعْدِهِ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْخُلَفَاءَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أُمَّتِهِ إذْ لَيْسَ لَهُمْ الْمُفَرَّعُ عَلَيْهِ، وَإِنَّ مِنْ الْأُمَّةِ السَّلَفُ فَيُورَثُ سُوءُ الظَّنِّ بِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا الْأَفْضَلَ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ (وَتَلَذُّذُهُ) مِنْ اللَّذَّةِ لَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا هُوَ الذَّوْقُ الصَّحِيحُ عِنْدَ التَّجَرُّدِ التَّامِّ وَالِاتِّصَالِ بِعَالَمِ الْقُدْسِ وَالنُّورِ فِي حَالَةِ تَرْكِ الْمَحْسُوسَاتِ الظُّلْمَانِيَّةِ وَالْمَأْنُوسَاتِ الْجِسْمَانِيَّةِ وَقَطْعِ الْخَوَاطِرِ الْوَهْمِيَّةِ وَالْخَيَالِيَّةِ (- صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَائِمٌ) فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ (لَا يَخْتَصُّ بِالْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ) يَعْنِي لَا يَخْتَصُّ حُصُولُهُ بِالْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ وَلَا يَكُونُ عِنْدَهَا كَمَا هُوَ كَذَلِكَ لِلْأُمَّةِ، فَإِنَّ تَلَذُّذَهُمْ بِالْعِبَادَاتِ أَوْ عِنْدَهَا فَافْهَمْ. وَفِي التَّعْبِيرِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ لَذَّتَهُ كَمَا كَانَتْ عِنْدَ الطَّاعَةِ الظَّاهِرَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْخُلُوِّ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ الْآفَاقِيَّةَ إذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ تَوَجُّهِهِ فَبِالْأَوْلَى الْعِبَادَاتُ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ عَلَى التَّفْرِيعِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى الْمُلَازَمَةِ عَلَى طَرِيقِ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ. وَاعْلَمْ أَنَّ تَلَذُّذَهُ بِشُهُودِ التَّجَلِّي فِي دَوَامِ التَّرَقِّي وَعَلَيْهِ قَدْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ»؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَى الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا يُسْتَقْصَرُ مَا دُونَهَا وَيَجِدُهُ غَيْنًا أَيْ حِجَابًا. (وَقَدْ بَلَغَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ) ﵀ تَعَالَى لَعَلَّ فَائِدَةَ هَذَا النَّقْلِ تَوْضِيحُ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ التَّشْدِيدَ فِي الْعِبَادَاتِ إنَّمَا هُوَ لِاسْتِحْصَالِ رُتْبَةِ مَلَكَةِ الطَّبِيعَةِ وَدَوَامِ التَّوَجُّهِ إلَى جَانِبِ الْقُدْسِ وَعِنْدَ الْحُصُولِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، فَإِنْ قِيلَ يُشْعِرُ ذَلِكَ بِتَسَاوِي حَالِ النَّبِيِّ مَعَ الْوَلِيِّ وَلَنْ يَبْلُغَ أَعْلَى دَرَجَةِ وَلِيٍّ أَكْمَلَ إلَى أَدْنَى دَرَجَةِ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قُلْت لَيْسَ بِتَمْثِيلٍ بَلْ تَنْظِيرٌ أَوْ بِحَسَبِ الْجِنْسِ لَا بِحَسَبِ التَّسَاوِي فِي النَّوْعِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ النَّصِّ يَعْنِي إذَا كَانَ حَالُ الْوَالِي فِي تَرْكِ التَّكَلُّفِ عِنْدَ بُلُوغِ الْكَمَالِ كَذَلِكَ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِلنَّبِيِّ فَيَنْدَفِعَ مَا يُتَوَهَّمُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ كَوْنُهُ تَنْظِيرًا لِلُزُومِ قُوَّةِ الْحُكْمِ فِي التَّنْظِيرِ إذْ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَافْهَمْ (إلَى حَيْثُ كَانَ لَهُ حَظٌّ) نَصِيبٌ (مِنْ هَذِهِ الدَّرَجَةِ) أَيْ جِنْسِهَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ الْحَظِّ بِمَعْنَى الْحِصَّةِ وَمِنْ الظَّاهِرَةِ فِي التَّبْعِيضِ، فَإِنَّهُ بَعْضٌ مِنْ هَذِهِ الدَّرَجَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِتْمَامِهِ وَبِهِ يَظْهَرُ ضَعْفُ مَا يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ الدَّرَجَةَ الَّتِي بَلَغَ إلَيْهَا هِيَ دَرَجَتُهُ ﵊ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْهُ. فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ (حَتَّى قَالَ مَنْ رَآنِي الْآنَ صَارَ زِنْدِيقًا)؛ لِأَنَّ هَذَا الْآنَ آنُ النِّهَايَةِ وَزَمَانُ الْوِصَالَةِ وَالتَّلَذُّذِ بِأَنْوَارِ الْجَبَرُوتِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ بَلْ هُوَ غَايَةُ عِلْمِ الْعُلَمَاءِ وَنِهَايَةُ حِكْمَةِ الْحُكَمَاءِ فَسَائِرُهُ جَمِيعًا كَالْمَبَادِئِ الْمُوَصِّلَةِ وَالْمُقَدِّمَاتِ الْمُنْتِجَةِ لَهُ فَعِنْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى مِثْلِ تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْفَضَائِلِ وَالنَّوَافِلِ هُوَ الْبُلُوغُ إلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ فَعِنْدَ الْبُلُوغِ إذَا تَرَكَ الْفَضَائِلَ فَيَظُنُّ بَعْضُ الْقَاصِرِينَ وَالْمُقَلِّدِينَ إيَّاهُ عَدَمَهَا فَيَتْرُكُهَا اقْتِدَاءً بِهِ وَالْحَالُ أَنَّ تَرْكَهُ لِاشْتِغَالِ بَاطِنِهِ بِمَا هُوَ أَكْمَلُ وَأَشْرَفُ مِنْهُ كَمَا حَكَى عَلِيٌّ الْقَارِيّ عَنْ الشَّلَبِيِّ. قَالَ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ بِفَتْحِ بَابِ الْإِفَادَةِ لِنَفْعِ أَصْحَابِ الِاسْتِفَادَةِ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَحُضُورُ قَلْبِي فِي اسْتِغْرَاقِ نُورِ رَبِّي خَيْرٌ مِنْ عُلُومِ

1 / 152