وما لبث أن أعد العشاء وجلست إليه حميدة وفائق، لكنها لاحظت أنه غير مقبل على الطعام إقباله الذي تعودته منه ففاجأته: فائق هل تعشيت؟
وأرتج على فائق لحظات، ثم ما لبث أن تمالك نفسه وهو يقول: أنا ... أبدا ... أبدا والله. - بل تعشيت. - أبدا. - المهم قم بنا. - ألا تكملين عشاءك؟ - وحدي، أنا شبعت. - لم تأكلي. - ربما أكون أنا الأخرى قد تعشيت.
وضحكت وضحك وقاما، وذهبا إلى غرفة المعيشة وجلسا أمام التليفزيون، وكان يعرض به فيلم عربي قديم ولكنهما كانا مستمتعين به، وقبل أن ينتهي الفيلم دق جرس التليفون، ونظر كلاهما إلى الآخر، وكان فائق أسبق إلى التليفون. - بيت هارون بك بركات؟ - نعم من يريده؟ - هنا قسم قصر النيل. حضرتك هارون بك؟ - لا أنا ابنه. - ألك أخ اسمه شهاب؟ - نعم ما له؟ - عندنا وليس معه بطاقة، نرجو أن يأتي أحد من عندكم. - هل هناك شيء؟ - من يأتي سيعرف. - شكرا!
ووضع فائق السماعة وهو في حالة ذهول تام وقد امتقع وجهه وجف فمه حتى لا يستطيع أن ينطق، وذعرت الأم وسارعت إليه: ماذا؟ ... ماذا يا فائق؟ ... ماذا حدث؟
وجمع فائق الكلمات ونطقها بصعوبة: شهاب في القسم.
ودقت صدرها وارتمت إلى أقرب كرسي منها. - لماذا؟ ماذا فعل؟ - لا أدري، لا بد أن أذهب إليه. - تذهب إليه وحدك؟ - أبي غير موجود، ماذا أصنع؟ - انتظر.
وطلبت الدكتور أمجد وأجابها، وروت له ما حدث. - فائق عندك؟ - نعم. - يأتي إلي الآن وسأذهب معه.
وفي القسم قدم الدكتور أمجد نفسه كما قدم فائق، وسأل وعرف كل شيء؛ لقد هاجم بوليس الآداب بيتا وكان به شهاب. وقال أمجد: لا أظنكم تحتجزونه. - لو كان معه بطاقة ما استدعيناكم. - معي بطاقة. - إذن سنفرج عنه في الحال.
وخرج ثلاثتهم وركبوا السيارة صامتين لم ينطق أحد بكلمة، وحين بلغوا منزل الدكتور أمجد نزل دون تحية. وسار أمجد في طريقه ولأول مرة تكلم شهاب: إلى أين؟ - إلى البيت. - أمر لآخذ سيارتي.
ودله على الطريق. ونزل شهاب وقال لفائق: أنا لن أذهب إلى البيت. - أنا تركت ماما بين الحياة والموت. - طمنها أنت. أنا لن أذهب إلى البيت. - إلى أين تذهب الآن؟ - اطمئن، لا تخف.
ناپیژندل شوی مخ