وفعلت هند رشوان مثلهما في متابعة الإعلانات، فقالت منيرة لأمين: ممكن أخلي لك غرفة في شقتنا تجهز للنوم.
فتساءل: والمهر؟
فلم تحر جوابا، فقال: المهندس على أي حال مطلوب وسنعثر على حل بطريقة ما في الخارج أو في إحدى شركات الانفتاح.
وظن محمد أنه وجد حلا لمشكلة شفيق حينما علم بأن لأحد تجار الحديد - وهو زميل له في الإخوانية - ابنة في سن الزواج. وقال لشفيق: سيتكفل أبوها بكل شيء، حتى المسكن، قانعا منا بشيء رمزي.
فرحب شفيق ترحيب المستغيث ولكن أفراحه انطفأت لدى رؤيتها، فهي لم تكن عاطلة من الجمال فقط ولكنها كانت أيضا صورة طبق الأصل من أبيها؛ فتراجع وهو يقول لنفسه: كأنما أتزوج من الرجل نفسه!
وتضايق أبوه وقال له: مال وأخلاق ودين، كن من أهل الباطن!
فأشار شفيق إلى أمه ألفت وقال ضاحكا: بل أكون مثلك من أهل الظاهر والباطن معا!
فتنهد محمد قائلا في غيظ: احتار دليلي!
وكان يتسكع في ميدان طلعت حرب عندما دهمه منظر مثير. رأى صديقته القديمة زكية محمدين خارجة من أحد الحوانيت، ماضية نحو سيارة شيفروليه زرقاء منتظرة. تراءيا فتوقفا عن الحركة وتهلل وجهاهما بابتسامة، ثم تصافحا. دعته إلى الركوب إلى جانبها وانطلقت بالسيارة. لم تعد الطالبة المنحرفة ولكن أصبحت امرأة تخطر في هالة ذات مغزى دسم؛ غانية تبرق بالجاه المستورد، لعل عريكتها قد لانت عقب انقطاع السيل العربي؛ وغلى ماء الشباب المحبوس في عروقه فتبخرت التقوى ولو إلى حين. قالت وهي تتجه نحو المنيل: لم تزرني في شقتي الجديدة!
وكشخص يقيم في جلبة محطة باب اللوق سحره الهدوء الوافد مع نسائم النيل، كما فتنته الديكورات والمرايا والتحف. وبلغت دهشته غايتها عندما رأى أم زكية - وقد رآها قديما وهي تسرح بالفاكهة الفاسدة - مقبلة لتحيته في روب مزركش وخمار أرجواني وشبشب مستورد، بيدها مسبحة من القهرمان، وطيلة الوقت عانى من القلق كما عانى من الشهوة المضرمة. سلم بالهزيمة في اللقاء الأول؛ إذ كانت المقاومة فوق طاقته. لم يلمس كأس الكونياك، هذا ما استطاعه، ولما انقصفت مخالب الوحش الناشبة في صدره حل في ثقوبها الانقباض كالصديد. وسألته ضاحكة: أتذكر مشروعك القديم؟
ناپیژندل شوی مخ